الصحافة المحلية هي جزء أساسي من النسيج الاجتماعي والثقافي في أي مجتمع، حيث توفر منصة للمعلومات والاتصال بين المواطنين والجهات الحكومية والقطاع الخاص، فهي تركز على قضايا وأحداث محلية، ويساهم في تعزيز الوعي المجتمعي، وتنمية الثقافة المحلية، وتعزيز المشاركة المدنية.
الصحافة المحلية بهذا المفهوم تتناول قضايا، وتعكس أحداثاً محلية محددة بإطار جغرافي معين، وتخاطب جمهورا يعيش داخل هذا الإطار، وبذلك فإن الصحافة المحلية أو الإعلام المحلي إعلام متخصص من حيث المساحة الجغرافية والجمهور المخاطب ولكن أهدافه تتجاوز ذلك بكثير.
ويعد هذا النمط الإعلامي مهمًا لتطوير المجتمعات المحلية خاصة في مدينة بحجم الإسكندرية، ولنا في التجربة الهندية خير مثال بعد ما نجح الإعلام المحلي في دولة كبرى بحجم الهند أن يتجاوز جميع التوقعات ويحقق نجاحات مبهرة لم يسبق لها مثيل.
وفي الإسكندرية، تواجه الصحافة المحلية تعثرًا منذ سنوات بسبب غياب المناخ الصحفي تارة، وبسبب غياب الفكر الاستثماري لوسائل الاعلام تارة أخرى، وكلها أسباب مهمة للغاية، ولكن السبب الأهم من وجهة نظري هي عدم وجود رغبة حقيقة من المسئولين داخل الإسكندرية التي تعتبر العاصمة الثانية بل والأولى في نظر كل الاسكندرانية، لتطوير تجربة الصحافة المحلية القادرة على قيادة سفينة الإعلام المصري إلى أفاق أوسع بكثير.
المركزية دائمًا هي المتهم وراء عزوف بعض المسئولين عن التواصل مع الصحفيين والإعلاميين داخل المحافظة، فالجواب الأسهل البيان سيصدر من الوزارة، ولنا في أغلب المديريات داخل عروس البحر كمديرية الصحة ومديرية العمل وغيرها أفضل مثال.
هذا بالإضافة إلى المحافظ الفريق أحمد خالد حسن سعيد، أقوى محافظ للإسكندرية في أخر 20 عامًا، وهو يمثل سلطة رئيس الجمهورية داخل المحافظة أصبح بعيد المنال عن كل الصحفيين.
فهل يمكن أن نتصور أن مدينة بحجم الإسكندرية، محافظها لم يجري حوارًا صحفيًا واحدًا لأي وسيلة صحفية أو إعلامية لمدة تجاوزت 11 شهرًا، اللهم سوى بعض التصريحات في مناسبات محددة سلفًا، بل هل يعقل أن المحافظ لم يعقد مؤتمرًا صحفيًا واحدًا يتعرف فيه على الصحفيين المتواجدين في المحافظة، مكتفيًا بالبيانات الصحفية على جروب الواتس أب الخاص بالمحافظة.
ورغم تعهد المحافظ، في يوليو الماضي، خلال اجتماعه الوحيد بمجلس النقابة الفرعية للصحفيين بالإسكندرية عقب أزمة الأتوبيس الشهيرة في احتفالات العيد القومي للمحافظة، بتعيين متحدث إعلامي للمحافظة للتواصل مع الصحفيين والإعلاميين، لم يصدر قرار حتى الآن في هذا الشأن؛ وهنا يتبادر سؤال إلى الأذهان هل هذا الامتناع المتواصل سببه عدم وجود وقائع تستحق التواصل مع الصحفيين أو عقد مؤتمرات صحفية للرد على تساؤلات الرأي العام، أم هناك أسباب أخرى لا يستطيع أحد الإشارة إليها فضلاً عن الحديث عنها.. وللحديث بقية إن كان بالعمر بقية.