كتب_ بيشوي ادور
اللوكاندة الحمراء أو “بيت العصابة” في منطقة المكس بالإسكندرية، تُعدّ واحدة من المعالم التاريخية والسياحية المميزة التي تجمع بين التراث المعماري والجوانب الثقافية والاجتماعية، يعود تاريخ هذا المبنى الفريد لأكثر من 200 عام، حيث شُيّد في أوائل القرن التاسع عشر، وتميز بطراز معماري يجمع بين الطرازين الإيطالي واليوناني.
عند دخولك إلى هذا المنزل الذي يمتاز بوجهتين، إحداهما تطل على طريق المكس والأخرى على البحر مباشرة، ستجد أنه يتكون من أربعة طوابق، ويتميز بتصميم معماري فريد يجمع بين الطرازين الإيطالي واليوناني. فمنذ اللحظة الأولى لدخولك، يجذبك الشكل المعماري المتميز، الذي يحمل علامات الزمن، مما يجعله واحداً من أشهر المنازل في محافظة الإسكندرية. وقد كان هذا المنزل يعتبر وجهة مفضلة لإقامة الحفلات والسهرات الخاصة بالجاليات اليونانية والإيطالية، حتى أصبح مزاراً سياحياً يتوافد إليه العديد من الزوار لالتقاط الصور التذكارية أمامه.
يقول تامر الطباخ، الباحث التاريخي وأحد سكان اللوكاندة الحمراء في منطقة المكس بالإسكندرية، إنه يقيم في الطابق الأول من هذا المعلم التاريخي برفقة والده الذي شهد كافة تفاصيل حياة هذا المنزل مشيراً أن اللوكاندة الحمراء تُعتبر من أبرز اللوكاندات في محافظة الإسكندرية، حيث يعود تاريخها إلى 200 عام، إذ تم إنشاؤها في أوائل القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1898 وقد تم بناؤها بأعلى معايير الهندسة من قبل مالكها اليوناني كوستاكوبوس، الذي كان لديه ابنان هما ديمتري ومخالي.
أوضح أن ديمتري هو من قام بإدارة اللوكاندة الحمراء والصفراء، حيث أسس فندق ومطعم زفير. مشيراً أن كوستا استعان بشركة هندسية يونانية لتصميم اللوكاندة وفقًا لنظام وتراث هندسي يضمن مقاومتها للعوامل الجوية. كما أشار إلى أن المكان كان في البداية مقراً للملوك والأمراء خلال عهد الملك فؤاد والملك فاروق، ويعتبر وجهة مفضلة لإقامة الحفلات والسهرات للجاليات اليونانية والإيطالية والإنجليزية في تلك الفترة، قبل أن يتحول إلى منزل للأهالي في المنطقة بعد مغادرة الجاليات الإنجليزية واليونانية مصر.
وأكد أن اللوكاندة الحمراء سُميت بهذا الاسم نظرًا لأنها كانت مشهورة بالطوب الأحمر والطين، الذي يضفي جمالًا على الطراز القديم. كان هذا اللون هو السمة البارزة وسط المباني الموجودة في منطقة المكس، التي كانت مطلية بلون موحد، بينما تميزت اللوكاندة بلونها الأحمر الفريد أما بالنسبة للأخشاب المستخدمة في البناء، فقد تم استخدام جذوع الأشجار في تصميم الشرفات وأسوار السلم، حيث تم اختيارها بعناية لتكون قادرة على مواجهة العوامل الجوية والبحرية، نظرًا لأنها تطل على الكورنيش.
وتابع أن المبنى يتكون من أربعة طوابق، إلا أن هناك طابقاً آخر مدفوناً نتيجة عوامل التعرية و يحتوي المبنى على ثلاث كبائن مخصصة للإقامة الملكية، بالإضافة إلى خندق كان يُستخدم كملجأ للملوك، وسردابًا يُعتبر ممرًا آمنًا للحماية من هجمات القراصنة. أما اللوكاندة الصفراء، فهي محاطة بخندقين: الأول يقع بالقرب من الكورنيش، والثاني عند الشارع الرئيسي، حيث كان يُستخدم أيضًا كملجأ لكل من الخدم والملوك أثناء الهجمات على المنطقة.
أشار إلى أن الشاطئ الخاص باللوكاندة يحمل اسم علي ابن صاحب اللوكاندة، وهو ديمتري، الذي ترك بصماته في المكان. كان ديمتري آخر من غادر منطقة المكس واللوكاندة خلال فترة الترحيل في أواخر الخمسينيات، بعد أن سلم حجة اللوكاندة الحمراء والصفراء ومطعم زفير، الذي تم إنشاؤه عام 1943. وقد كان ديمتري دائمًا يُعبّر عن اعتزازه بتراث مصر، خاصة بعدما أمره الخديوي إسماعيل بالحرص على المحافظة على إحدى المسلات الفرعونية، ولهذا سُمي الشاطئ باسمه.
اختتم حديثه بالإشارة إلى أن اللوكاندة الحمراء قد شهدت العديد من الأعمال السينمائية، حيث أُطلق عليها لقب بيت العصابة. جاء هذا اللقب عقب تصوير فيلم رصيف نمرة 5 الذي قام ببطولته الفنان فريد شوقي، وأخرجه نيازي مصطفى. كما تم تصوير فيلم المشاغب الذي جمع بين الفنانين محمود المليجي وفريد شوقي، حيث كانت جميع مشاهد الفيلم تجري داخلها ، بالإضافة إلى ذلك، أنه تم تصوير مسلسل الهروب إلى السجن في التسعينات، والذي شارك فيه كل من إمام شاهين وأحمد مرعي. وقد تم تصوير المشاهد على سطح اللوكاندة، حيث يُعتبر هذا العمل الفني الأخير الذي تم تقديمه في موقعها كما تم تصوير أغنية للفنان أحمد شيبة داخل إحدى الشقق السكنية بها.