كتبت – رنيم العشري
شهد المعهد العالي للصحة العامة بجامعة الإسكندرية مناقشة رسالة ماجستير للباحثة هبة الله حسن عباس، بعنوان “استعداد المرضى لدفع تكاليف تحسين جودة الرعاية الصحية في مستشفى تأمين صحي ومستشفى خاص بالإسكندرية”، تحت إشراف نخبة من أساتذة المعهد.
وشاركت لأول مرة كـ “ممتحنة خارجية” في الرسالة، الدكتورة ميرفت السيد، مدير المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة بالإسكندرية، المشرف العام على مستشفيات الأمانة بالمحافظة، واستشاري طب الطوارئ وصحة المناطق الحارة، وجودة الرعاية الصحية والسلامة المهنية.
وأكدت د. ميرفت أهمية الدراسة في ظل تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، التي انطلقت في بورسعيد عام 2019 وتوسعت حتى شملت ست محافظات، مشيرة إلى أن قرب دخول المنظومة حيز التنفيذ في الإسكندرية يعزز أهمية رصد توقعات المرضى واستعدادهم للمشاركة في تطوير الخدمة الصحية.
وأوضحت أن الدراسة بيّنت أن “تحسين جودة الرعاية الصحية لا ينفصل عن صوت المريض”، مؤكدة أن نجاح منظومة التأمين الصحي يقاس بثقة المواطن وعدالة حصوله على خدمة مرضية، وليس فقط بالتغطية الشاملة.
وجاءت الدراسة تحت إشراف كل من:
- أ.د. رشا علي زكي مسلم (أستاذ إدارة المستشفيات)
- د. تغاريد عباس الحسيني (أستاذ مساعد إدارة المستشفيات)
وتضمنت الدراسة إجراء بحث ميداني باستخدام استبيان تم توجيهه لأكثر من 400 مريض في مستشفى خاص ومستشفى تأمين صحي بالإسكندرية، مع الحفاظ على السرية التامة لهويات المشاركين.
وكشفت النتائج أن 51.1% من المرضى أبدوا استعدادًا لتحمّل تكاليف تحسين الجودة، بينما رفض 48.9%، مرجعين ذلك إلى ضعف الإمكانيات أو اعتقادهم بأن الدولة مسؤولة بالكامل عن التمويل، أو لانعدام الثقة في جدوى التحسين.
ومن بين المؤيدين للدفع، أوضح 76% أن الدافع الرئيسي هو الحصول على خدمة صحية أفضل، بينما أشار آخرون إلى أهمية تحسين التعامل مع المرضى وتقليص وقت الانتظار.
أما الرافضون، فذكر 52.5% أن ضعف الدخل هو السبب الرئيسي، و34.1% أكدوا مسؤولية الدولة عن تقديم الرعاية، في حين شكّك 13.4% في حدوث تحسن فعلي حتى في حال الدفع.
وأظهرت الدراسة تقييمات متباينة لجودة الرعاية الصحية، حيث جاءت إيجابية في بعض الجوانب مثل تعامل الأطباء (68%) ونظافة المستشفى (64%)، وسلبية في جوانب أخرى كزمن الانتظار (39%) والتثقيف الصحي (35%).
من جهتها، أكدت د. تغاريد عباس الحسيني أن الدراسة سلّطت الضوء على العلاقة المباشرة بين جودة الخدمات واستعداد المرضى للمساهمة في تمويلها، مشيدة بالمنهجية العلمية التي اتبعتها الباحثة.
واختتمت الباحثة عرضها بتقديم عدد من التوصيات المهمة، أبرزها:
- مراعاة الفروق الاجتماعية والاقتصادية في تصميم آليات التمويل.
- تعزيز ثقة المرضى في الخدمة المقدّمة من خلال تحسين التجربة الكاملة، لا البنية التحتية فقط.
- تبني سياسات تضمن العدالة في الحصول على خدمات صحية عالية الجودة.
- إشراك المرضى والمجتمع في النقاش حول جودة الخدمات وآليات تمويلها.
كما أشارت إلى أن نتائج الدراسة سيتم نشرها قريبًا في مجلات علمية دولية، لتعزيز الاستفادة منها على نطاق أوسع.
وفي ختام المناقشة، أكدت د. ميرفت السيد أن الرسالة تمثل دعوة لحوار مجتمعي واسع حول مستقبل التمويل الصحي في مصر، وسبل تحقيق التوازن بين الجودة والعدالة والاستدامة في تقديم الخدمات الصحية.