كتبت: منار رشاد
وسط أجواء ثقافية مفعمة بروح الإبداع والمعرفة، وداخل أروقة معرض مكتبة الإسكندرية الدولي، تجذب طاولة صغيرة أنظار الزوار من مختلف الجنسيات. لا لكونها تحمل كتبًا أو لوحات فنية، بل لأنها تقدم تجربة شخصية عميقة: كتابة الاسم بالخط العربي والهيروغليفي.
ابتسامة فضولية، ومحاولات لنطق الاسم بدقة، ثم تبدأ الريشة في رسم الحروف بدقة وأناقة، في لحظة يشعر فيها الزائر أن اسمه أصبح جزءًا من تاريخ يمتد لآلاف السنين. إنها ليست مجرد ورشة كتابة، بل جسر يربط الحاضر بجذور الحضارة.
هدية من التاريخ
يقول جون حسني، أحد المتخصصين في اللغة الهيروغليفية بمكتبة الإسكندرية، إن ورشة كتابة الاسم تلقى إقبالًا كبيرًا، خاصة من السائحين الأجانب الذين ينبهرون بفكرة تحويل أسمائهم إلى رموز هيروغليفية أو حروف عربية مزخرفة، ويعتبرونها هدية فريدة من نوعها.
“نحرص على نطق الاسم بشكل صحيح أولًا، ثم نبدأ في شرحه وتوثيقه بخط يدوي”، يوضح حسني، مشيرًا إلى أن الورشة لا تقتصر على تقديم منتج فني، بل تتضمن أيضًا حوارًا ثقافيًا يتناول أنواع الخط العربي وقواعد اللغة الهيروغليفية، لتتحول لحظة الكتابة إلى درس صغير في جمال اللغة والتاريخ.
لغة لا تعرف الزوال
لا تُعد هذه الورشة مجرد نشاط عابر ضمن فعاليات المعرض، بل هي امتداد لرؤية أعمق تتبناها مكتبة الإسكندرية، حيث تسعى إلى إحياء الوعي بالحضارة المصرية القديمة من خلال اللغة. ويؤكد حسني أن المكتبة تنظم بشكل منتظم دورات لتعليم اللغة الهيروغليفية للكبار مع بداية كل عام دراسي، إلى جانب ورش مخصصة للأطفال من عمر 10 إلى 15 سنة خلال الصيف، وذلك بالتنسيق مع إدارة النشر.
يضيف حسني: “من المهم أن يعرف المصريون لغتهم القديمة، فهي ليست ماضٍ بعيد بل هوية راسخة”، مشددًا على أهمية الحفاظ على هذا التراث اللغوي كجزء من الثقافة الوطنية.