كتبت: رنيم العشري
في إطار الجهود الوطنية الشاملة لمكافحة أمراض السرطان، أكدت الدكتورة ميرفت السيد، مدير المركز الأفريقي لخدمات صحة المرأة، أن المبادرات الرئاسية الأخيرة شكّلت تحولًا حقيقيًا في منهجية التعامل مع المرض في مصر، من خلال التركيز على الوقاية، الكشف المبكر، والتطعيم، خاصة فيما يتعلق بسرطان عنق الرحم.
وأوضحت “السيد” أن السرطان، رغم كونه من الأمراض الخطيرة، لا يكون مميتًا بالضرورة حال اكتشافه مبكرًا، لافتة إلى أن العديد من أنواع السرطان تبدأ دون أعراض واضحة، ما يجعل الفحص الدوري أحد أهم أسلحة المواجهة.
وأضافت أن الإحصاءات العالمية تشير إلى إمكانية الوقاية من أكثر من 30% من أنواع السرطان، إما عبر تغيير نمط الحياة أو من خلال الحصول على اللقاحات الوقائية المناسبة.
وأكدت مدير المركز الأفريقي أن سرطان عنق الرحم يُعد رابع أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم، وأن أكثر من 90% من الحالات ناتجة عن الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV). وأشارت إلى أن بعض سلالات الفيروس، لا سيما النوعين 16 و18، تُعد المسبب الرئيسي للتغيرات السرطانية، رغم أن الإصابة بالفيروس شائعة وغالبًا ما تكون بلا أعراض.
وشددت “السيد” على أن الفحص المبكر والتطعيم ضد فيروس HPV يمثلان خط الدفاع الأول، وهو ما بدأت الدولة المصرية تطبيقه فعليًا ضمن المبادرة الرئاسية الجديدة.
وفي السياق ذاته، أطلقت الدولة في يونيو 2025 حملة وطنية تحت عنوان “من بدري أمان”، تستهدف الكشف المبكر عن خمسة من أكثر أنواع السرطان انتشارًا، وهي سرطان الثدي، البروستاتا، القولون، الرئة، وعنق الرحم. كما شمل البرنامج تطعيم الفتيات من سن 9 إلى 15 عامًا بلقاح HPV بشكل مجاني في محافظات الدلتا.
وأشارت إلى أن الحملة نجحت في الوصول إلى آلاف المواطنين من خلال القوافل الطبية، الخيام المتنقلة، ووحدات الرعاية الصحية، بالإضافة إلى دعم مؤسسات المجتمع المدني مثل “روتاري مصر”، مما ساهم في تطعيم الآلاف من الفتيات وإجراء آلاف المسحات الخاصة بعنق الرحم للسيدات.
ورغم انطلاق الحملة في محافظات مثل الدقهلية، كفر الشيخ، والمنوفية، إلا أن محافظات كبرى مثل الإسكندرية لا تزال في انتظار دخول الحملة خلال الأسابيع المقبلة.
وأكدت “السيد” أن أبرز التحديات التي تواجه الحملة تتمثل في ضعف الوعي المجتمعي، مشيرة إلى أن نحو 82% من السيدات في مصر لم يسمعن من قبل عن لقاح HPV، وذلك نتيجة عوامل عدة من بينها الخجل، نقص المعرفة، وارتفاع التكلفة.
واختتمت بتأكيد أن الحملة تمثل نقلة نوعية في مفهوم الوقاية الصحية، وتسعى إلى إعادة تعريف السرطان بوصفه معركة مجتمعية شاملة، وليس مجرد قضية طبية، داعية إلى ضرورة إدراج لقاح HPV ضمن جدول التطعيمات الأساسية، لضمان حق الوقاية لكافة الفتيات في مصر.