<< أول يوم في الشارع كان أصعب موقف.. بس الإصرار خلاني أكمل
<< مش محتاج مكتب ولا رأس مال ضخم.. بس محتاج تبدأ بخطوة
كتبت – مي وائل
في زمنٍ أصبحت فيه الشكوى من قلة الفرص جزءًا من يوميات كثير من الشباب، وفي وقتٍ بات فيه الحلم بالنسبة للبعض مجرد رفاهية بعيدة، يظهر من بين الزحام من يثبت أن الإرادة الصادقة أقوى من أي ظرف، وأن الطريق قد يبدأ من “رصيف بسيط”، لكنه قد يؤدي إلى مستقبل مشرق.
هؤلاء الشباب لم ينتظروا فرصة تهبط من السماء، بل قرروا أن يصنعوها بأيديهم، وأن يحوّلوا أفكارًا بسيطة إلى مشروعات غيّرت ليس فقط حياتهم، بل شكل الشارع من حولهم.
في هذه الحلقة من سلسلة “مشاريع شبابية”، نروي قصة محمود، صاحب مشروع “برميل قهوة” – مشروع بدأ من لا شيء، وتحول إلى اسم يعرفه المارة ويقصدونه خصيصًا لتذوق قهوة مختلفة… تحمل في كل رشفة حكاية كفاح.
يتحدث محمود، الشاب الثلاثيني، عن لحظة اتخاذ القرار قائلاً: “من حوالي 3 سنين كنت بدور على مشروع أبدأ بيه حياتي من جديد. كنت عايز حاجة ليّا شغف بيها، وفي نفس الوقت تدخلي دخل محترم. جاتلي فكرة أعمل قهوة صغيرة متحركة، لكن مش زي أي قهوة… ومن هنا طلعت فكرة البرميل.”
بدأ محمود مشروعه بمعدات بسيطة و”برميل” صغير، صممه وطوّره بنفسه ليصبح محطة قهوة متنقلة. لم يكن يملك إمكانيات مادية كبيرة، لكنه امتلك ما هو أهم: نية صافية، وشغف حقيقي، وإصرار لا يلين.
يواصل محمود حديثه قائلاً: “بدأت أطور في البرميل يوم بعد يوم. كنت بشتغل بإيديا في كل حاجة… من تصميم البرميل، لشراء الخامات، لتحضير القهوة. كنت واقف بنفسي أقدّم للناس، وأسمع رأيهم، وأتعلم من كل تعليق.”
ومع مرور الوقت، تحوّل “برميل القهوة” من فكرة بسيطة إلى علامة مألوفة في الشارع. لم يعد مجرد وسيلة للرزق، بل أصبح مكانًا يقصده الناس من أجل مذاق خاص، وتجربة فيها تميز وحكاية.
ورغم أن محمود يصف رحلته بأنها كانت “ميسّرة”، فإن البداية لم تخلُ من التحديات.
يتذكر أصعب لحظة مر بها قائلًا: “أول يوم وقفت فيه في الشارع لوحدي… ده كان من أصعب المواقف. اشتغلت في حاجات كتير قبل كده، بس ده كان مختلف.. فيه رهبة ومسؤولية… لكن قلت لنفسي: طالما النية خير، ربنا هيكرم، واليوم، أصبح المشروع مرخصًا وله زبائنه الدائمون، وبات مصدر دخل ثابت ومحل تقدير واحترام، بل ومثالًا يُحتذى به لشباب كثيرين ممن يحلمون بخطوة البداية”.
وعن نصيحته لكل شاب يحمل فكرة، يقول محمود بإيمان صادق: “اتّكل على الله… لو عندك حلم، ماتستناش الفرصة تيجي. إنت اللي تصنعها. ابدأ صغير، واحلم كبير، وربنا هيضبطلك الدنيا… إن شاء الله.”
قصة محمود تثبت أن النجاح لا يحتاج مكتبًا فخمًا، ولا شهادة مرموقة، ولا رأس مال ضخم، بل يحتاج فقط إلى نية صادقة، وشغف حقيقي، وجرأة على البداية، وثبات في الطريق.
في كل كوب قهوة يخرج من “برميل قهوة” على ناصية شارع، تختبئ حكاية تستحق أن تُروى… حكاية شاب آمن بحلمه، فصنع لنفسه – ولغيره – باب أمل.