كتبت – شيماء حسين
“زوروني كل سنة مرة”… كانت هذه وصية فنان الشعب سيد درويش لأبنائه ومحبيه، لكنه لم يكن يتخيل أن سيرته ستظل خالدة عبر أكثر من 100 عام من الإرث الثقافي والموسيقي.
يعد سيد درويش علامة فارقة في تاريخ الموسيقى العربية، وأحد أبرز روّاد التجديد في الألحان، حيث حقق ثورة فنية حقيقية بدمجه بين التراث الشعبي واللحن الأصيل، ليكون بذلك صوت الشعب المصري ويُلقب بفنان الشعب.
في أقدم أحياء الإسكندرية، بمنطقة كوم الدكة، وعلى أضيق الأزقة، يقبع منزل متهالك لا يسكنه إلا النسيان والقمامة. هذا هو منزل سيد درويش، الذي يظل شاهدًا حيًا على جانب هام من الإرث التراثي والثقافي للإسكندرية.
لسنوات طويلة، تصاعدت الأصوات مطالبة بتحويل هذا البناء التاريخي إلى متحف يحتضن ذكراه، ليكون ملتقى لأبناء الإسكندرية ومحبي سيد درويش وأصحاب المواهب الفنية.
نجح مينا زكي، مؤسس مبادرة “سيرة الإسكندرية”، في تحقيق هذا الحلم بعد خمس سنوات من الجهود المستمرة.
وقال: “بعد مرور أكثر من 100 عام على مولد ووفاة ابن الإسكندرية وفنان الشعب سيد درويش، مازال إرثه الثقافي والفني حيًا في أذهاننا. قررنا أن نحافظ على جزء هام من إرثه ونقدمه هدية لأبناء الإسكندرية ومحبيه.”
أوضح زكي أن الهدية تتمثل في تحويل منزل درويش المتهالك إلى متحف خشبي يضم سيرة حياته، أبرز مقتنياته، وألحانه الموسيقية، كما سيكون المتحف مساحة لعقد لقاءات ثقافية وفنية، وحفلات توقيع الكتب، تسرد قصة الإسكندرية وفنانها الكبير.
ومن جانبه، قال علي شتيوي، ابن مالك أرض منزل درويش: “وصل المنزل لهذه الحالة من الإهمال بعد سنوات طويلة، لكنه مع ذلك جذب الكثير من الزيارات من أبناء الإسكندرية وزوار من الخارج الذين يرغبون في مشاهدة إرث درويش.
ولكن كانت الصدمة لهم من حالة المنزل الحالية التي لا تعكس جمال الموسيقى التي خرجت منه.
اليوم، حان وقت استعادة جمال منزل درويش وتحويله إلى متحف يستقبل محبيه من كل مكان.”
هذا المشروع ليس فقط احتفاءً بسيرة فنان الشعب، بل هو أيضًا محاولة لإحياء ذاكرة الإسكندرية وترسيخ مكانتها كمدينة ثقافية وسياحية من خلال متحف سيد درويش الذي سيكون نقطة جذب بارزة ومصدر فخر لأبناء المدينة.