<< استشاري الطب النفسي: الجاني غالبًا مصابًا باضطراب “الشخصية السيكوباتية”.. والمحامي بالاستئناف: المرض النفسي لا يعفي الجاني من المحاسبة
كتب – محمد العدوي
هزّت جريمة “سفاح المعمورة” الشنيعة أرجاء مدينة الإسكندرية، حيث صُدمت الأوساط الشعبية والقانونية ببشاعة الأحداث، وسط تساؤلات ملحّة حول الدوافع الحقيقية وراء هذه الجرائم، وإمكانية إفلات الجاني من العقوبة تحت غطاء الاضطرابات النفسية.
تصاعدت حدة الجدل بعد مطالبة محامي المتهم بعرضه على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، لتقييم مدى اتزانه العقلي بشكل دقيق، وهو الإجراء الذي قد يقلب مسار القضية رأسًا على عقب، في حال ثبت أنه يعاني من خلل عقلي يمنعه من تحمل المسؤولية الجنائية.
وفي ظل هذه التطورات، تتجه الأنظار إلى التحليل النفسي لشخصية الجاني، في محاولة لفهم ما إذا كان يعاني من اضطراب عقلي حقيقي أم أنه مجرد قاتل متسلسل يمتلك وعيًا كاملًا بجرائمه، مما يجعله خاضعًا للمسؤولية القانونية الكاملة.
يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن السفاحين عادةً ما يوجهون جرائمهم لفئات معينة تمثل لهم رموزًا مكروهة من الماضي، مثل النساء أو الأطفال أو فئات مهنية محددة، ويوضح أن الجاني في مثل هذه الحالات غالبًا ما يكون مصابًا باضطراب “الشخصية السيكوباتية”، وهو اضطراب يجعل صاحبه قادرًا على التلاعب بالآخرين دون أي إحساس بالندم أو تأنيب الضمير.
وأضاف “فرويز” أن الجاني قد يكون نموذجًا لما يُعرف بـ”السيكوباتي متصاعد النزعة”، وهو شخص يتمتع بذكاء اجتماعي عالٍ، وقدرة على تنفيذ مخططاته بهدوء شديد، مستخدمًا التدين الظاهري أو الأساليب الماكرة لكسب ثقة ضحاياه، مما يفسر قدرته على خداعهم دون إثارة الشكوك.
من الناحية القانونية، أوضح ماجد جمال، المحامي بالاستئناف العالي، أن عقوبة القتل في حد ذاتها لا تصل دائمًا إلى الإعدام، إلا في حال اقترانها بظروف مشددة، مثل وقوع الجريمة مع جنحة أخرى، كالسلب أو السرقة، أو استخدامها لوسائل غدر مثل التسميم، كما أن وجود عناصر مثل سبق الإصرار أو الترصد يعدّ من العوامل التي تُشدد العقوبة، وقد ترفعها إلى الإعدام.
وأشار المحامي إلى أن جريمة سفاح المعمورة توافرت فيها عدة ظروف مشددة، إذ لم تقتصر على القتل فقط، بل تضمنت سرقة مشغولات ذهبية من السيدتين الضحيتين، إضافة إلى العثور على جثة مهندس في شقة بمنطقة 45، حيث استولى القاتل على سيارته ومنزله وممتلكاته، ما يجعل الجريمة مرشحة بوضوح لعقوبة الإعدام.
وحول إمكانية استخدام المرض النفسي كذريعة للإفلات من العقوبة، أوضح ماجد جمال أن القانون المصري يفرق بين المرض العقلي والمرض النفسي، إذ تُعتبر الإصابة بمرض عقلي مانعًا للمسؤولية الجنائية، بينما المرض النفسي لا يعفي الجاني من المحاسبة، بغض النظر عن مدى خطورته.
وأضاف: “المسؤولية الجنائية تُرفع فقط عن من يثبت أنه مصاب بخلل عقلي يمنعه تمامًا من إدراك أفعاله أو التحكم فيها، أما المرضى النفسيون، حتى لو كانوا يعانون من اضطرابات شديدة، فهم مسؤولون عن أفعالهم قانونيًا، وبالتالي لا يمكن للمتهم في هذه القضية التهرب من العقوبة عبر الادعاء بالمرض النفسي”.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن سفاح المعمورة يواجه مصيرًا محتمًا بالإعدام، نظرًا لتعدد جرائمه وتوافر الظروف المشددة التي ترفع العقوبة إلى أقصاها، كما أن الادعاء بالمرض النفسي لا يكفي قانونيًا لإعفائه من المسؤولية، مما يجعل العدالة الجنائية هي الفاصل في هذه القضية التي أرعبت سكان الإسكندرية وأثارت الرأي العام.