<< النائب عبدالفتاح محمد: المشروع الجديد يُنصف المرأة ويُنظم أوضاع العمالة غير المنتظمة
<< برلماني: محاكم عمالية مستقلة لضمان العدالة وسرعة الفصل في النزاعات
<< رئيس نقابة النقل البري: التشريع الجديد عالج مشكلات الأجور وساعات العمل والإجازات
<< نقيب المناجم: المكافآت واستمارة 6 أبرز مكاسب القانون الجديد للعمال
كتبت – شاهيناز العمري
في عالم لا يتوقف عن التطور، يظل العمل هو النواة التي تدور حولها عجلة الحياة، والركيزة الأساسية لبناء المجتمعات وتقدم الأمم، ويأتي الأول من مايو من كل عام ليكون يومًا عالميًا يُكرم فيه العامل، ويُسلط فيه الضوء على جهوده وتضحياته، ويُستحضر من خلاله تاريخ طويل من النضال من أجل العدالة وحقوق الإنسان في بيئة العمل.
وترجع أصول هذه المناسبة إلى أواخر القرن التاسع عشر، حين انطلقت حركة عمالية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1886 للمطالبة بتحديد يوم العمل بثماني ساعات.
وقد تحول هذا الحراك إلى محطة تاريخية فاصلة عُرفت بـ”أحداث هايماركت” في شيكاغو، والتي أصبحت رمزًا للكفاح العمالي في وجه الاستغلال، ومنذ ذلك الحين، اعتمدت دول عديدة حول العالم يوم الأول من مايو عيدًا رسميًا للعمال، يُجدد فيه الالتزام بقضاياهم ويُحتفى بإسهاماتهم في كل ميدان.
قانون العمل الجديد: تحقيق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال وتعزيز بيئة الاستثمار
أقر مجلس النواب قانون العمل الجديد ليكون هدية للعمال بمناسبة عيدهم، بعد حوار مجتمعي موسع ومناقشات شاملة. يستهدف القانون تحقيق التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية، وجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، مع تحديد واضح للأجر وربطه بالإنتاج، بما يتوافق مع الاتفاقيات والمعايير الدولية ودستور 2014. كما يهدف القانون إلى إعادة تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل بما يتماشى مع متغيرات سوق العمل، ويحقق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
ويتضمن القانون تنظيمًا لعقود العمل وآليات عادلة للفصل والتظلم، وضمانات لحماية حقوق المرأة العاملة، إلى جانب إنشاء محاكم عمالية متخصصة للفصل السريع في النزاعات، مع تشريعات مرنة تدعم بيئة الاستثمار واستقرار الاقتصاد الوطني.
النائب عبدالفتاح: قانون العمل الجديد يواكب مستجدات سوق العمل
قال النائب عبد الفتاح محمد، عضو مجلس النواب، إن التعديلات التي جاء بها قانون العمل الجديد لا يمكن اعتبارها تعديلات جوهرية بالمعنى الكامل للكلمة. وأوضح أن النسخة الحالية من مشروع القانون سبق أن عُرضت منذ عام 2017، وتمت مناقشتها في جلسات حوار مجتمعي شارك فيها رجال الأعمال وممثلو العمال وعدد من المعنيين بالشأنين العمالي والصناعي.
وأضاف أن جائحة كورونا وما تبعها من انتشار ظاهرة العمل من المنزل فرضت مستجدات جديدة على سوق العمل، ما استدعى التفكير خارج الصندوق خاصة فيما يتعلق بتنظيم أوضاع العمالة غير المنتظمة.
وأشار إلى أن التعامل مع العمالة غير المنظمة يعد من أبرز المكتسبات الجديدة التي أضافها مشروع قانون العمل، في إطار التكيف مع التحولات التي طرأت على طبيعة سوق العمل بعد الجائحة.
وأوضح النائب عبد الفتاح محمد أن قانون العمل الجديد يتضمن عدة مزايا تهدف إلى تحسين بيئة العمل وتعزيز العدالة بين العمال وأصحاب الأعمال، مضيفًا أن من أبرز التعديلات التي أتى بها القانون إنشاء محاكم عمالية مستقلة تهدف إلى سرعة الفصل في المنازعات العمالية وتحقيق العدالة.
وأكد أن القانون الجديد يركز على تحقيق التوازن بين مصالح العمال وأصحاب الأعمال، مما يسهم في استقرار بيئة العمل ودفع عجلة الإنتاج.
ويأتي ذلك تماشيًا مع ما أشار إليه تقرير لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، والذي أكد أن مشروع القانون يراعي التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية ويتوافق مع الأحكام الواردة في مواثيق واتفاقيات العمل الدولية، ويعد أداة فعالة لتوفير مناخ جاذب للاستثمار دون الإخلال بحقوق العمال، مع توفير ضمانات الأمن الوظيفي لهم.
وأشار إلى أن قانون العمل الجديد عمل على كفالة حقوق المرأة سواء في الأجر أو ظروف العمل أو الإجازات وتنظيم المواعيد بما يناسب ظروف المرأة. كما أضاف أن القانون الجديد وضع قواعد لتنظيم عمل الأطفال بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها مصر، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989. ويهدف كذلك إلى تفعيل دور المجلس القومي للطفولة والأمومة من خلال مراعاة السياسات العامة والخطط التي يضعها لحماية الطفولة.
مزايا وتحديات قانون العمل الجديد في عيون النقابات
قال علاء عيسى، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالنقل البري، إن قانون العمل الجديد يحمل في طياته جوانب إيجابية كثيرة تهدف إلى تنظيم علاقات العمل من خلال وضع ضوابط واضحة تنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل منذ مرحلة التدريب والتوظيف وحتى إنهاء العقد، بما يضمن العدالة للطرفين. وأكد أن القانون يعزز من حماية حقوق العمال، حيث ينظم بشكل أوضح العقود محددة المدة وغير محددة المدة، ويضع آليات لإنهاء العقود ويتضمن بعض الحقوق الجديدة للعامل.
وأوضح أن القانون ساعد في معالجة الكثير من مشكلات العمال المتعلقة بتأخر صرف الأجور أو نقصها، وهي شكوى متكررة في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وكذلك مشكلة عدم الالتزام بساعات العمل القانونية، حيث يعمل البعض لساعات إضافية دون راحة كافية.
وكما أشار إلى نقص إجراءات السلامة، حيث يعبّر بعض العاملين عن قلقهم من عدم صيانة المعدات ونقص وسائل الأمان، إضافة إلى صعوبة الحصول على الإجازات في بعض المؤسسات التي تفرض قيودًا على الإجازات السنوية والمرضية. كذلك يشعر الكثير من العمال بضعف في مستوى التأمين الصحي والاجتماعي المتوفر لهم.
وأضاف علاء عيسى أن البنود التي تحتاج إلى تعديل أو مراجعة تستدعي دراسة متأنية من قبل خبراء القانون وممثلي العمال وأصحاب الأعمال. وذكر أن هناك ضرورة لمراجعة آليات إنهاء عقود العمل لضمان العدالة، وتنظيم أوضاع العمل المؤقت والعقود غير التقليدية لحماية العاملين بها، وتوضيح واجبات وحقوق كل من العامل وصاحب العمل لتقليل النزاعات، كما يجب العمل على تفعيل دور المنظمات النقابية بشكل أكبر، وضمان أن تكون العقوبات المفروضة على المخالفات رادعة بما يحفظ حقوق العامل.
ومن جانبه، قال السيد الشرنوبي، نقيب عمال المناجم، إن صدور مشروع قانون العمل الجديد جاء في إطار تحسين أوضاع العمال وتنظيم العلاقة بين طرفي العمل، إلا أن التطبيق العملي لم يحقق بعد التغيير المنشود وفقًا لما يعبر عنه الكثير من العاملين.
وأوضح أن من أبرز المشكلات الحالية التي تواجه العمال سوء إدارة المنشآت، وهو ما أدى إلى تدهور الأوضاع المالية والإدارية والفنية، وانعكس مباشرة على العاملين من خلال تأخر صرف الحوافز وضعف مستويات الدخل.
كما أشار إلى وجود عمالة زائدة في بعض القطاعات دون استغلال فعلي لها، بسبب تعنت بعض الرؤساء المباشرين ورفضهم الموافقة على ندب العمال لجهات أخرى، مما ساهم في تعميق أزمة التشغيل.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد لاحظ تراجعًا في روح التعاون والترابط بين العاملين خلال السنوات الأخيرة، وهو ما أثّر سلبًا على بيئة العمل العامة.
وأوضح الشرنوبي أن النصوص الجديدة في مشروع قانون العمل تضمنت مواد مهمة، منها النص على صرف مكافأة نهاية الخدمة بواقع نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى، وشهر كامل عن كل سنة من السنوات التالية، على أن يتم احتساب المكافأة على أساس آخر أجر للعامل، كما تم إلغاء العمل بنموذج “استمارة 6″، مع النص على تحديد الأجر بشكل واضح في عقد العمل لضمان حقوق الطرفين، وتضمنت المواد كذلك صرف مكافأة نهاية الخدمة بعد بلوغ العامل سن المعاش، وفقًا للمادة 172 من مشروع القانون.