كتبت: أميرة سلامة
تظل الإسكندرية مصدرًا لعدد كبير من النجوم، ومن بينهم أيقونة الكوميديا التي ارتبط اسمها في وجدان الجمهور بابتسامة لطيفة، حيث بمجرد ظهوره على الشاشة أو المسرح تعلو القهقهات. إنه “وحيد سيف”، واسمه الحقيقي “مصطفى سيد أحمد سيف”، الذي اختار لنفسه اسم “وحيد سيف” تقديرًا وحبًا للفنان فريد الأطرش الذي كان يؤدي أدوارًا تُسمى فيها شخصية “وحيد”.
وُلد وحيد سيف في 20 مارس 1939 في محرم بك بالإسكندرية، واعتُبر الابن الأكبر بين أربعة شقيقات وولدين، حيث كان يحمل على عاتقه مسؤولية عائلته. درس في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية قسم التاريخ، وكان يعشق الفن والمسرح، فكان يشارك في الأنشطة المسرحية الجامعية. وقد أثبت موهبته الكوميدية، مما دفعه إلى اتخاذ القرار بالانتقال إلى القاهرة لاعتلاء سلم الشهرة والمجد.
بدايته الفنية
وصل وحيد سيف إلى القاهرة عام 1968، وبدأ مشواره السينمائي في 1971 من خلال فيلم “زوجتي والكلب”. سرعان ما أصبح واحدًا من أشهر نجوم الكوميديا في جيله، وتألق بشكل لافت على خشبة المسرح، حيث أطلق عليه لقب “غول المسرح”. كان دائمًا يقول: “الجمهور مثل العدوى، إذا ضحك شخص تبدأ الضحكات تتوالى”، مشيرًا إلى أهمية تفاعل الجمهور في نجاح العروض المسرحية.
من أبرز أعماله: فيلم “خلي بالك من زوزو”، “محامي خلع”، “سيد العاطفي”، “ليلة القبض على بكيزة وزغلول”، مسرحية “شارع محمد علي”، ومسلسل “المال والبنون”. آخر أعماله الفنية كان مسلسل “زيزو 900”.
الزواج والأبناء
تزوج وحيد سيف مرتين؛ الأولى من ألفت سكر، ثم من الصحفية اللبنانية خلود، التي كانت برفقته حتى وفاته. وكان يعتبر أن أجمل فترات حياته كانت معها. وله أربعة أبناء هم: إيناس، إيمان، ناصر، وأشرف.
موقف مع رجل غريب في شوارع الإسكندرية
يذكر الفنان الراحل أنه في إحدى المرات أثناء تجوله في شوارع الإسكندرية قبل موعد الإفطار بحوالي نصف ساعة، قابل رجلاً غريب المظهر يحمل في يده جريدة. اقترب الرجل منه وقال له: “كل سنة وأنت طيب”، وهو ما أثار ريبته نظرًا لعدم اتزان الرجل. استمر الرجل في ملاحقته حتى وصل إلى مدخل العمارة التي كان مدعوًا لتناول الإفطار فيها. وعندما اقترب من المصعد قال الرجل بصوت منخفض: “أستاذ وحيد، أنت عارف أن فاضل نص ساعة على الفطار وأنا مش معايا فلوس”. وعندما أجاب وحيد سيف قائلاً “أنا لسة جاي من عرض ومش معايا غير عشرينات”، رد الرجل بتلقائية: “هات واحدة”. ترك وحيد سيف نهاية القصة مفتوحة، مشيرًا إلى أن هذه المسألة تظل سرًا.
صراعه مع المرض
في برنامج “الراجل دا أبويا” الذي كان يُعرض على قناة صدى البلد عام 2017، كشفت ابنته “إيمان” عن صراع والدها مع المرض. وقالت إن حالته تم تشخيصها خطأ في البداية على أنه يعاني من صفراء، بينما كان يعاني في الحقيقة من حصوة في البنكرياس. هذا التشخيص الخاطئ أدى إلى مضاعفات صحية خطيرة، بما في ذلك تأثر الكبد وأجهزة أخرى داخل جسده، ما استدعى غسيلًا كلويًا. وأضافت أن الرئيس الأسبق حسني مبارك أمر بعلاجه على نفقة الدولة في مستشفى القوات المسلحة، وهو ما أسهم في رفع معنوياته بشكل كبير. ثم سافر إلى المستشفى الأمريكي في بيروت، حيث تم علاجه بشكل جيد. ومع ذلك، عاودته الانتكاسات الصحية في نهاية عام 2010 وبداية 2011.
وعن لحظاته الأخيرة، قالت “إيمان”: “قبل وفاته بيوم كان لا يزال يتحدث معي بهدوء ويهزر، وفي صباح يوم وفاته، توفي الساعة 12 ظهرًا. كان يومًا صعبًا جدًا، وفقدانه كان مؤلمًا للغاية. أهم نصائحه لي كانت أن أعيش حياتي كما أحب، لأننا لا نعيش الحياة مرتين”.
رحيل “غول المسرح”
ظل وحيد سيف يعاني من المرض منذ مايو 2007 حتى رحيله في 19 يناير 2013 عن عمر يناهز 73 عامًا. رغم معاناته، فقد ظل يرسم البسمة على وجوه المصريين وجمهوره في الوطن العربي حتى آخر أيامه.