تحليل: أحمد بسيوني
وسط حالة من الهدوء العام، أُسدل الستار على انتخابات مجلس الشيوخ 2025، الذي يعد الغرفة التشريعية الثانية في مصر إلى جوار مجلس النواب، في انتظار إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي لقائمة المعينين المائة بالمجلس ليكتمل المجلس الذي من المقرر أن يبدأ أولى جلساته في النصف الثاني من أكتوبر القادم.
انتخابات مجلس الشيوخ هي استحقاق دستوري يجرى كل خمس سنوات لانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ، وقد أُعيد المجلس (المعروف باسم مجلس الشورى سابقاً) إلى الحياة النيابية بموجب التعديلات الدستورية التي أجرتها مصر عام 2019.
ويتألف مجلس الشيوخ من 300 عضو، يُنتخب ثلثاهم (200 عضو) عبر الاقتراع العام السري المباشر، بينما يعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي (100 عضو).
ويُنتخب الأعضاء المئتين بنظام مختلط يجمع بين النظامين الفردي والقائمة المغلقة:
100 مقعد بالنظام الفردي: يتنافس عليها المرشحون في 27 دائرة انتخابية على مستوى الجمهورية.
100 مقعد بنظام القوائم: يجري التنافس عليها من خلال 4 قوائم مغلقة على مستوى الجمهورية، مع تخصيص ما لا يقل عن 10 في المئة من إجمالي مقاعد المجلس للمرأة.
ووفقًا لبيانات الهيئة الوطنية للانتخابات، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 17% في الجولة الأولى و7% تقريبا في جولة الإعادة.
4 أحزاب فقط فازت بـ180 مقعدًا داخل المجلس و20 مقعدًا لثمانية أحزاب
ووفقًا للنتائج النهائية التي أعلنتها الهيئة، فقد حصدت أربعة أحزاب هي مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية والشعب الجمهوري ١٨٠ مقعدًا داخل المجلس، بينما توزعت المقاعد المتبقية وعددها 20 مقعدًا على أكثر من ثمانية أحزاب، هي المصري الديمقراطي الاجتماعي، والإصلاح والتنمية والعدل، والوفد والتجمع، وإرادة جيل والحرية والمؤتمر.
وبنظرة فاحصة، فقد توزعت المقاعد الفردية على أربعة أحزاب فقط هي حزب مستقبل وطن: 60 مقعدًا، وحزب حماة الوطن: 25 مقعدًا، وحزب الجبهة الوطنية: 10 مقاعد، وحزب الشعب الجمهوري: 5 مقاعد.
القائمة الوطنية بدون منافسة
خاضت “القائمة الوطنية من أجل مصر” السباق على مقاعد القوائم المائة دون أي منافس، حيث فازت القائمة الوطنية بالتزكية تقريبا، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى التنافسية في نظام القوائم المغلقة.
ووفقًا للمادة 25 من قانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020، “إن لم يتقدم في الدائرة الانتخابية المخصصة للقوائم إلا قائمة واحدة، يعلن انتخاب القائمة بشرط حصولها على نسبة 5 في المئة على الأقل من أصوات الناخبين المقيدين بتلك الدائرة”. وإذا لم تحقق هذه النسبة، يعاد فتح باب الترشح من جديد.
وبنظرة متأنية على تحالف القائمة الوطنية، كانت النتائج كما يلي: حزب مستقبل وطن: 44 مقعدًا، وحزب حماة الوطن: 19 مقعدًا، وحزب الجبهة الوطنية: 12 مقعدًا، والحزب المصري الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري: 5 مقاعد لكل منهما، وحزب العدل وحزب الإصلاح والتنمية: 4 مقاعد لكل منهما، وحزب الوفد وحزب التجمع: مقعدان لكل منهما، وحزب المؤتمر، حزب إرادة جيل، وحزب الحرية: مقعد واحد لكل منهم.
أبرز نتائج انتخابات مجلس الشيوخ
ويمكن استخلاص بعض المؤشرات من انتخابات الشيوخ، لعل أبرزها أن النظام الانتخابي الحالي يستبعد الاحزاب الصغيرة والمتوسطة ويلغي قدرتها على المنافسة لأنها غير قادرة على تشكيل قائمة تخوض بها الانتخابات بعكس الأحزاب الكبيرة، وهو ما يطرح تساؤلاً مهمًا حول نظام القائمة المطلقة المغلقة وهل الأفضل الأخذ بنظام القائمة النسبية لضمان نجاح تجربة التعددية الحزبية وضمان مشاركة الأحزاب الصغيرة ولو بنسبة أقل تحت قبة البرلمان.
هذا بالإضافة إلى تقسيم الدوائر في انتخابات الشيوخ أدى إلى عزوف عن الترشيح وهذا ما بدا جليًا في عدد المرشحين خلال الانتخابات الحالية حيث وصل العدد إلى 428 مرشحا منهم 189 مرشحا مستقلا و242 مرشحا من الأحزاب السياسية، مقارنة بالانتخابات الماضية والتي وصل عدد المرشحين فيها إلى 787 مرشحًا، وهو ما يخدم بعض الفئات التي لديها القدرة المالية الكبيرة والتي تستطيع المنافسة في ظل التقسيم الحالي للدوائر.
ويبدو هذا جليًا لأن أغلب الفائزين ينتمون إلى فئة رجال الأعمال، ونسبة كبيرة منهم بجيل الشباب، ولهم استثمارات كبيرة في قطاعات متعددة كالعقارات والرصف والصناعة سواء داخل المحافظة أو خارجها.
جدير بالذكر أن كل محافظة تعتبر دائرة انتخابية واحدة في مجلس الشيوخ، حيث يتنافس المرشحون في 27 دائرة انتخابية على مستوى الجمهورية.
كما كشفت انتخابات مجلس الشيوخ وبوضوح أن المشاركة في الانتخابات ضعيفة وهو ما يمكن قبولها في مجلس الشيوخ باعتباره مجلس ذات طبيعة استشارية إلى حد كبير، حيث يختص بـدراسة وإبداء الرأي في القضايا التي تُحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، ورأيه استشاري وغير ملزم، ولكن يجب تدارك الأمر في انتخابات مجلس النواب القادم لضمان تمثيل المواطنين تحت قبة البرلمان تمثيلاً متوازنًا من أجل ضمان الاستقرار السياسي الداخلي والحفاظ على السلم المجتمعي.
أبرز اسماء المعينين في مجلس الشيوخ
وأخيرًا، ينتظر الجميع إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي لقائمة المعينين المائة بالمجلس ليكتمل المجلس الذي من المقرر أن يبدأ أولى جلساته في النصف الثاني من أكتوبر القادم.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن أبرز الأسماء في قائمة المائة، المهندس حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، والدكتور فريد زهران رئيس حزب المصري الديمقراطي، وعبدالهادي القصبي نائب رئيس حزب مستقبل وطن، والدكتور سعيد عبدالعزيز أمين حزب مستقبل وطن بالإسكندرية والدكتور عباس منصور رئيس جامعة جنوب الوادي سابقاً، والنائب تيسير مطر رئيس حزب إرادة جيل، وأحمد خالد حزب المؤتمر.