شارع النبي دانيال بين الكتب القديمة وتاريخ الأديان السماوية
<< معرض القاهرة للكتاب وشارع النبي دانيال تعزيز حب القراءة لدى الشباب المصري
<< شارع النبي دانيال نموذج للدمج بين التراث والتحديث في الإسكندرية
كتب – زياد عمرو
يعد شارع النبي دانيال في محافظة الإسكندرية واحدًا من أبرز الشوارع التي تمزج بين التاريخ الثقافي الغني والهوية الأدبية العريقة. يمتد هذا الشارع الذي يعد مركزًا رئيسيًا للكتب القديمة والنادرة، ليصبح اليوم مثالًا حيًا للتطوير الثقافي والحضاري في المدينة، في خطوة تهدف إلى تعزيز مكانته التاريخية وتطوير جاذبيته السياحية.
تاريخ شارع النبي دانيال وارتباطه بالأديان السماوية
تأسس شارع النبي دانيال في عهد الإسكندر الأكبر، في عام 331 قبل الميلاد، حيث كان جزءًا من خطة بناء المدينة وفقًا للتخطيط الهيبودامي. يُعتبر الشارع، المعروف في العصر اليوناني باسم “الكاردو دى كومناس”، من أقدم شوارع الإسكندرية، وكان مركزًا لعدد من المفكرين والفنانين مثل نجيب محفوظ وطه حسين، اللذين ارتبطا ارتباطًا وثيقًا بهذا المكان.
علاوة على قيمته الثقافية، يحمل الشارع أهمية دينية خاصة، حيث يضم مسجد النبي دانيال، أحد أقدم المساجد في الإسكندرية، وكذلك الكنيسة المرقسية، أقدم كنيسة في مصر وأفريقيا، بالإضافة إلى معبد إلياهو حنابى، ما يجعل الشارع مزيجًا من الأديان السماوية الثلاثة.
مشروع تطوير شارع النبي دانيال: من ميدان ثقافي إلى وجهة سياحية عالمية
شهد الشارع في السنوات الأخيرة مشروعًا ضخمًا للتطوير يشمل ترميم المباني التاريخية، تحسين البنية التحتية، وتوحيد تصميم المحلات التجارية. تكلفت أعمال التطوير ما يقرب من 143 مليون جنيه، وشملت إعادة ترميم 16 عمارة تاريخية، تحسين الأرصفة، وتركيب إضاءات ديكورية تضيف لمسة من الجمال المعماري للشارع.
كان الهدف من المشروع هو تحويل الشارع إلى ممشى تراثي حديث يعكس الهوية الثقافية للمدينة. وفعلاً، بعد الانتهاء من الأعمال، أصبح الشارع أكثر جذبًا للزوار المحليين والسياح على حد سواء، مما أدى إلى تغيير شامل في آراء المواطنين حول المشروع وزيادة الإقبال عليه.
التطوير وأثره على محلات الكتب
يرى العديد من أصحاب محلات الكتب في شارع النبي دانيال أن التطوير أسهم بشكل كبير في تحسين بيئة العمل وجذب الزوار. يقول محمد حمدي، صاحب أحد المحلات: “لقد جعل التطوير الشارع أكثر جذبًا للزوار، حيث لاحظنا تزايد الإقبال على الكتب بشكل لافت”. ويضيف محمد قاسم: “التطوير أعطى الشارع حياة جديدة، وجعل تجربة الشراء أكثر سلاسة وتنظيمًا”.
الشباب وشارع النبي دانيال: إعادة اكتشاف حب القراءة
من المهم أن نربط بين التحول الذي شهدته الإسكندرية والاتجاهات الثقافية المعاصرة التي يعيشها الشباب في مصر. ففي الوقت الذي يشهد فيه معرض القاهرة الدولي للكتاب إقبالًا غير مسبوق من الشباب على اقتناء الكتب والاطلاع على أحدث الإصدارات، يبدو أن هذا الإقبال يتجاوز المعارض ليشمل أماكن مثل شارع النبي دانيال، حيث يعكف الشباب على اكتشاف الكتب القيمة، سواء كانت ثقافية، أدبية، أو علمية.
أضاف مصطفى السيد أحد رواد الشارع: “التطوير جعل الشارع أكثر جذبًا، والأجواء في الشارع أصبحت تشجع الناس على القراءة”. هذا التوجه يعكس الوعي المتزايد بين الشباب بأهمية القراءة وأثرها في بناء شخصية الإنسان وتطوير الفكر.
الربط بين التطوير والمعارض الثقافية
يُظهر مشروع تطوير شارع النبي دانيال نموذجًا رائعًا في دمج الثقافة مع السياحة. وقد يكون هذا الشارع، مثل معرض القاهرة للكتاب، فرصة لتشجيع القراءة والاهتمام بالثقافة في مصر. فبينما يوفر المعرض فرصة للقاء دور النشر والمثقفين، فإن الشارع يقدم تجربة فريدة من نوعها، حيث يمكن للزوار شراء الكتب القديمة والنادرة والتمتع بجو ثقافي مميز، ما يعزز الثقافة الوطنية ويدفع بها إلى الأمام.
بفضل مشروع التطوير، تحول شارع النبي دانيال إلى معلم حضاري وثقافي، مستفيدًا من تاريخه العريق وتطوراته الحديثة. بات الشارع اليوم ليس فقط مكانًا لبيع الكتب ولكن أيضًا نقطة جذب سياحي وثقافي. ومع تزايد إقبال الشباب على القراءة، يمكننا القول أن شارع النبي دانيال أصبح منارة ثقافية حية تعكس قدرة مصر على الدمج بين التراث والمعاصرة، وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية الثقافية في المدينة.