كتبت: مهرائيل مجدي
في قلب مدينة الإسكندرية الساحرة، يقف المتحف اليوناني الروماني كأحد أبرز المعالم الثقافية التي تُضيء تاريخ مصر الحافل بالحضارات، يمتد المتحف ليحكي قصة مصر من خلال آثارها الغنية التي تمثل مجموعة من الحضارات المختلفة، بما في ذلك الحضارة اليونانية والرومانية والفرعونية، مع لمسة خاصة للفترة البطلمية، منذ افتتاحه رسميًا في يونيو 2023 بعد تطوير شامل استمر لعدة سنوات، أصبح المتحف أحد الأماكن التي يجب على كل محب للتاريخ والثقافة زيارتها.
في البداية، قد يظن الزائر أن المتحف ليس سوى معرض للآثار التقليدية، لكن الحقيقة هي أنه يمثل تجربة متكاملة تمزج بين الجوانب التاريخية والتعليمية والثقافية، مع حوالي 20,000 قطعة أثرية موزعة على 30 قاعة عرض، يأخذ المتحف الزوار في رحلة عبر العصور، التماثيل الرائعة التي تصوّر الآلهة اليونانية والرومانية مثل زيوس وأفروديت وهيرميس، تضاف إليها تماثيل ضخمة للأباطرة الرومان التي تنبض بالفن والروعة، ولا يمكن إغفال واحدة من أشهر القطع الموجودة في المتحف: “رأس الإسكندر الأكبر”، تلك القطعة التي تُظهر عمق ارتباط المدينة بمؤسسها العظيم.
وفي معرض آخر، يجد الزوار أنفسهم أمام آثار غارقة تم انتشالها من أعماق البحر الأبيض المتوسط، مثل تماثيل ولوحات حجرية تروي قصصًا عن مدينة الإسكندرية كميناء تجاري وثقافي كبير عبر العصور، ويُضاف إلى هذه المجموعة الرائعة مجموعة من العملات القديمة التي تتنوع بين الذهبية والفضية والبرونزية، مما يعكس تطور الاقتصاد المصري في مراحل متعددة من تاريخها.
اللوحات والفسيفساء الملونة هي أيضًا جزء من تجربة الزوار، حيث تعرض مشاهد حية من الحياة اليومية والأساطير اليونانية والرومانية. ليس هذا فحسب، بل يخصص المتحف قاعة للمستنسخات الجبسية لبعض القطع الأثرية الهامة التي تتيح للزوار الاقتراب أكثر من تفاصيل تلك الآثار القيمة.
لكن المتحف لا يقتصر فقط على تقديم القطع الأثرية، فقد شهد مجموعة من أعمال التطوير الكبرى التي بدأت في فبراير 2018 بتكلفة تقديرية تصل إلى 568.3 مليون جنيه، شملت توسيع مساحة العرض لتشمل 30 قاعة جديدة، مما يزيد من عدد القطع الأثرية التي تُعرض لأول مرة، كما تم تحديث أنظمة الإضاءة والمراقبة لحماية القطع وضمان تجربة بصرية مميزة للزوار، وقد تمت أعمال ترميم شاملة للمبنى ذاته، حيث تم تدعيم الحوائط القديمة بهياكل حديدية، كما تمت إعادة تأهيل الواجهة الكلاسيكية للمتحف لتبقى شاهدًا على التاريخ المعماري المميز.
كما تمت إضافة مرافق لخدمة الزوار مثل الكافيتريات ومحلات الهدايا، فضلاً عن تخصيص مرافق لذوي الهمم تشمل دورات مياه ومصاعد، لضمان راحة الجميع. أما للأطفال، فقد تم إنشاء قاعة للتربية المتحفية توفر ورش عمل وأنشطة تعليمية تساهم في رفع الوعي الأثري والتاريخي لدى الأجيال الجديدة، ولعشاق القراءة والمعرفة، يضم المتحف مكتبة تحتوي على كتب نادرة، بالإضافة إلى قاعة للمحاضرات التي تنظم بها فعاليات وندوات ثقافية وأكاديمية.
اليوم، يُعد المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية واحدًا من المراكز الثقافية والعلمية الرائدة التي تعكس تاريخ المدينة الغني والمتنوع، إنه مكان يأخذك في رحلة من الماضي إلى الحاضر، حيث تلتقي الثقافات والحضارات لتروي قصة مدينة لا تزال تلهم العالم. وبفضل هذه التطويرات المدهشة، أصبح المتحف وجهة سياحية وتعليمية مميزة، تستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم.
المتحف مفتوح للزيارة من الأحد إلى الخميس من الساعة 9 صباحًا حتى 5 مساءً، ومن الجمعة إلى السبت من الساعة 9 صباحًا حتى 8 مساءً، وأسعار التذاكر معقولة، حيث تبلغ 40 جنيهًا للفرد العادي، و20 جنيهًا للطلاب، و150 جنيهًا للطلاب الأجانب، مما يجعله وجهة مثالية للجميع للاطلاع على ثروات التاريخ المصري.