حوار – ميار مازيد:
مخرج وسيناريست عُرف بتمرده على المألوف في أعماله، ولا يهتم بتصنيف أفلامه إذا كانت روائية او تسجيلية أو درامية بل يهتم بأن تصل أعماله للجمهور مازجاً بين هذا وذاك، وفي مسيرته الفنية إلتزم بإبداعه في عكس الواقع، وهو ما نراه في “الطوق والأسورة” ومروراً ب “أمريكا شيكا بيكا” وغيرهم، وحتى في مسلسلاته “ريش نعام” و “الطوفان” إلخ…
وفي دورته ال 38، ترأس المخرج المصري – خيري بشارة لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان عروس البحر لدول البحرالمتوسط، فتحدثنا عن فلسفته الفنية وعلاقة الجمهور بالممثل وما ينتظر منه.
في البداية، ذكرت في لقاء سابق أنه ليس هناك ما يسمى بالسينما النظيفة، فهل معنى ذلك أنك تتفق مع ما قاله الفنان محمود حميدة في لقاءه أنه ليس قدوة بل هو فقط يقدم شخصيات؟
ليست فكرة اتفاق، أنا ضد الوصاية وأن أكون نموذجاً تتبعه الناس، بل أنفرهم مني حتى لا يُفتنوا بي، وطوال حياتي لم أحب أن أكون صنماً أو إلهاً في معبد فيه أصنام، بل أعشق الحرية، فأنا ضد فكرة التبعية، وأؤيد أن يكتشف الناس أنفسهم ويعتزون بشخصياتهم، حتى أن أبنائي قد قرروا أن يصارعوا في الحياه كأبناء عاديين دون استخدام إسمي، مقتصرين على استخدام الإسم الثالث “بشارة” فقط.
عند الترويج لفكرة مجتمعية معينة، يتم استخدام الفنان كقائداً للرأي، فهل ترى أن الفنان لا يصح أن يكون قائداً للرأي؟
أنا أتحدث عن نفسي، لست قدوة، ولا أستطيع أن أكون قدوة، فأنا شخصية حرة جداً، وقد أكون صادماً للمجتمع المحافظ، لذلك عادة لا أتحدث كثيراً حتى لا أصدم أحداً، لكن تفكيري منفتح جداً، وقد تندهشين من استطاعتي التعبيرعن أرائي بحرية في السعودية وسعادة السعوديين بذلك، كما أخرجت مسرحية هناك ونجحت بشكل كبير، ولكن من الممكن أن أكون قدوة للترويج للحب بالمعنى الروحاني فهو الأبقى في حياة الإنسان، ومن الممكن أن أكون قدوة بشكل نسبي في التربية ولكن كل شخص يكتشف أسلوبه الخاص في التربية، وليس هناك أسلوب واحد صحيح بشكل مطلق، وأنا من النوع المتكيف مع الواقع من حولي وبحسب قراءتي له أتصرف، والواقع متغير فلا أستطيع أن أستخرج نتائج وأطبقها على كل الأشخاص.
هل معنى حديثك أنك تتصرف وفقا لقراءتك للواقع أنك تلتزم في أعمالك بما يقبله المجتمع؟
لا، بل أنا حراً، ولكن على سبيل المثال أنا ضد ما يفعله بعض الناس الذين يتحدثون في الدين بدون مناسبة، وضد أن أفتح ملفات مزعجة تثير حساسية الناس وتجرح قناعاتهم الدينية بالسخرية أو الاستخفاف، فذلك لا يجوز بالنسبة لي، وهذه قناعاتي الشخصية.
على حسب أراء عدد من الناس أن للشهرة مسؤولية جماهيرية، فتضطر الشخصية المشهورة لاحترام قناعات جمهورها وإلا فلن يكن لها جمهور، فهل ترى أن ذلك يحدد إطارا للفنان لا يجب أن يخرج عنه أمام الجمهور حتى وإن كان يتنافى مع أفكاره؟
معروفاً عني أنني متمرداً وأفلامي صريحة جداً ولا تنافق ولا تتملق، ولكنني بالطبع أحترم الناس ولا أسخر منهم أو أجرحهم، ولا أستطيع أن أسخر من الإنسان البسيط أياً كان.
وما رأيك في إدانة الجمهور للممثل عندما يقوم بتصرف معين أو يشارك في عمل من وجهة نظرهم يتنافى مع ما اعتاد عليه المجتمع مثلما حدث مع الفنانة منى ذكي عن دورها في فيلم أصحاب ولا أعز؟
يحدث ذلك عندما نطالب الفيلم أو المسلسل بعكس منظور أخلاقي، في حين أن وظيفتهم هي تعرية الواقع، وذلك ما يحدث في الواقع، وما قامت به منى ذكي من خلع “الأندر وير” يظهر انه خارج كموضوع وهذه جرأة منها ولا أرى فيها مشكلة، بينما ذلك لا يعني بالضرورة أنها قامت بخلعه في التصوير الفعلي، بل ذلك ما ظهر في الكادر، فمن المستحيل أن تقوم منى ذكي بفعل خارج فهي لا تجرأ على ذلك.
ولكن علينا أن نتحرر قليلاً ولا نضع محاذيراً تضيق علينا الطبيعة البكر التي خلقها الله، فالله لم يخلق المباني ولا الطيارات ولا التليفزيون، بل خلق الطيور والأنهار، وخلق الإنسان وهو بعقله صنع كل هذا، وقبله خلق الكون الجميل، والمؤمن الحقيقي عقله منفتح، وأنا شخصياً لا أصلي ولكنني صليت عندما رأيت طبيعة كالجنة على الحدود بين روسيا وبولندا أثناء بعثتي، لأن هذا السحر الكوني رباني ولو كنت متدينة تدين عميق فستتوحدين مع الكون وتكوني متصلة.