كتبت ـ روان السيد عمارة
تُعد حدائق أنطونيادس واحدة من أبرز المعالم الطبيعية في مدينة الإسكندرية، حيث تقع في قلب المدينة وتُعتبر ملاذًا للزوار والسكان المحليين الباحثين عن الهدوء وسط صخب الحياة اليومية.
تأسست حدائق أنطونيادس في القرن التاسع عشر، وتمتاز بتصميمها الفريد الذي يمزج بين الطراز الأوروبي والتقاليد المصرية، سُميت الحدائق نسبة إلى الجنرال الروماني مارك أنطوني، الذي ارتبطت قصته بالملكة كليوباترا، مما يضفي على المكان طابعًا تاريخيًا مميزًا. تشمل الحدائق حديقة فريدة بالإضافة إلى حديقتين أخريين هما النزهة وحديقة الورد.
تم تسمية الحديقة بهذا الاسم نسبة إلى أحد كبار تجار القطن اليونانيين، جون أنطونيادس، الذي انتقل للعيش في المنطقة منتصف القرن التاسع عشر. حيث قام أنطونيادس ببناء قصره المحاط بهذه الحديقة الخلابة بعد أن اشترى الأرض من الخديوي إسماعيل، وكلف مجموعة من خبراء الحدائق الفرنسيين بإنشائها، حيث زُينت بالعديد من أنواع النباتات.
يشير الدكتور إسلام عاصم، أستاذ التراث والتاريخ المعاصر بجامعة الإسكندرية، إلى أن أنطونيادس أوكل للمهندس الفرنسي بول ريشار تصميم الحدائق على الطراز الفرنسي، كما أوصى بإهداء ملكية القصر والحدائق إلى بلدية الإسكندرية بعد وفاته، وقد نفذ نجله أنطونيس وصية والده في عام 1918، حيث أصبح القصر أحد أشهر قصور الضيافة التي استقبلت العديد من كبار الزوار، وقد شهد القصر العديد من الأحداث المهمة، منها اجتماع تحضيري لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1944، وتوقيع معاهدة جلاء الإنجليز عن مصر في عام 1936.
تتميز الحدائق بتصميمها الرائع الذي يشمل مساحات خضراء شاسعة، وأشجارًا ظليلة، وزهورًا ملونة. تم تصميم الممرات لتكون مثالية للمشي والاستمتاع بجمال الطبيعة. كما تحتوي الحدائق على بحيرات صغيرة ومجاري مائية تضيف لمسة من السحر إلى المكان. وتوجد بالحديقة مجموعة مميزة من التماثيل الرخامية النادرة الكاملة الحجم لشخصيات أسطورية وتاريخية، مثل تماثيل فينوس آلهة الجمال، وهي تحمل مرآة كبيرة تعكس أشعة الشمس في الصباح تجاه نوافذ القصر الجنوبية، بالإضافة إلى تماثيل تمثل الفصول الأربعة، وأسد مصنوعة من المرمر.
من بين المعالم المميزة لحدائق أنطونيادس حديقة المشاهير التي تضم تماثيل لفاسكو دي غاما، كريستوفر كولومبس، وماجلان. كما تضم الحدائق حديقة النزهة ومسرح أنطونيادس. أما حديقة الورد، التي صممها المهندس الفرنسي ديشون، فتغطي مساحة 5 أفدنة وتحتوي على نافورة مياه يتوسطها تمثال رخامي، فضلاً عن أصناف كثيرة من الورود والأزهار النادرة.
تُعد حدائق أنطونيادس مكانًا مثاليًا للأنشطة العائلية، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بنزهة هادئة، أو القراءة في أجواء طبيعية، أو ممارسة الرياضة. كما تُنظم الحدائق فعاليات ثقافية وفنية، مثل حفلات الموسيقى والعروض المسرحية، مما يضيف طابعًا مميزًا إلى زيارتها.
تمثل حدائق أنطونيادس جزءًا من التراث الطبيعي والثقافي للإسكندرية. فهي ليست مجرد مساحة خضراء، بل هي مكان يجمع بين التاريخ والجمال الطبيعي، مما يجعلها وجهة مفضلة للسياح وسكان المدينة.
تظل حدائق أنطونيادس رمزًا للجمال والهدوء في مدينة الإسكندرية، وإذا كنت تبحث عن تجربة تجمع بين التاريخ والطبيعة، فلا تفوت زيارة هذه الحدائق الرائعة.