<< نهى خليفة: ما عنديش وقت فراغ.. حياتي بين العمل والأسرة ولا مجال للراحة
<< أربي ابنتي على القيم والمبادئ.. التربية لم تتغير لكن الأساليب تطورت”
<< رئيس حي شرق: المرأة المصرية قادرة على تحقيق المستحيل.. فقط تحتاج للإرادة والعزيمة
<< رئيس الحي: المحافظون والمسؤولون دعمونا في إزالة العشوائيات.. والتنمية تحتاج قرارات جريئة
<< نهى خليفة: الدراسة الأكاديمية جعلت تفكيري أكثر تنظيمًا وساعدتني في الإدارة
<< المهندسة نهى: أعمل بروح الفريق.. حتى لو اضطررنا للعمل حتى منتصف الليل تحت المطر
كتبت – نيرة إبراهيم
في عالم مليء بالتحديات، تبرز شخصيات نسائية استثنائية تجمع بين التفوق المهني والإنساني، تقود مسيرة مليئة بالكفاح والإصرار، وتحقق إنجازات تترك أثرًا في المجتمع. من بين هؤلاء تبرز المهندسة نهى خليفة، واحدة من النساء اللاتي لا يعرفن المستحيل. فمن إنقاذها المركز التكنولوجي للمنتزه من الحريق عام 2011 إلى تطويره وإدخال أحدث التقنيات، ثم حصولها على جائزة التميز الحكومي العربي، وصولًا إلى منصب رئيس حي شرق الإسكندرية، تظل تجربتها مليئة بالإلهام.
التقينا بها في حوار خاص للحديث عن مسيرتها، طموحاتها، التحديات التي واجهتها، وكيف استطاعت أن تكون نموذجًا يُحتذى به في العمل الحكومي والتنموي. إليكم نص الحوار:
ما هي أهم الإنجازات التي شعرتِ فيها بالفخر خلال مسيرتك؟
مررت بتجارب كثيرة، لكن من أبرزها إنقاذ المركز التكنولوجي للمنتزه خلال الحريق الذي شب فيه أكثر من مرة. كنت حينها مديرة المركز، ودخلت المبنى لإنقاذ البيانات رغم تعرضي لإصابات بالغة، منها كسر في قدمي وتكسير أسناني. بعد ذلك استعنت بالمجتمع المدني ووزارة التنمية الإدارية لإعادة بناء الحي والمركز التكنولوجي، وتم افتتاحه عام 2013-2014، حيث صممته بنفسي بمساعدة المجتمع المدني. حصدت على إثر ذلك عدة جوائز، منها جائزة التميز الحكومي العربي كأفضل موظف حكومي في العالم العربي عام 2021.
ثم توليت رئاسة حي الجمرك، حيث أزلنا المباني الخطرة وطوّرنا ميادين مثل ميدان الأنفوشي، كما رفعنا إشغالات قديمة مثل تلك الموجودة على سور محكمة الحقانية. كنت أعمل ساعات طويلة بلا راحة، وهذا سبّب لي إرهاقًا كبيرًا، لكنني كنت سعيدة بما أنجزته. بعد ذلك توليت حي غرب، حيث ركزت على تطوير منطقة بشاير الخير، إزالة الإشغالات، ورصف الطرق. كذلك، عملت على إنشاء “سوق اليوم الواحد” في حي شرق، حيث خصصت أماكن للتجار بأسعار مخفضة، مما لاقى ترحيبًا واسعًا بين الأهالي.”
ما التحديات التي واجهتك في بداية مشوارك المهني، وكيف استطعتِ التغلب عليها؟
واجهت الكثير من الصعوبات، خاصة خلال فترة 2011، حيث كانت هناك مشاكل أمنية كبيرة. بعد عودتنا في 2013، كانت العقبة الأكبر هي إعادة بناء المراكز التكنولوجية، حيث كنت مسؤولة عن مراكز عدة في المحافظة. في حي الجمرك، كانت إزالة المباني المتهالكة تحديًا صعبًا، حيث كانت البيوت قديمة وخطرة، وكان لابد من التعامل بحذر للحفاظ على المنازل المجاورة. أما في حي شرق، فكان التحدي الأكبر هو تغيير ثقافة المواطنين تجاه النظافة، حيث اعتاد بعضهم إلقاء القمامة من النوافذ. أطلقنا حملات توعية، وقدمنا حوافز للمواطنين للحفاظ على نظافة الأحياء، مما ساهم في تغيير سلوكياتهم.”
كيف تتعاملين مع المجتمع المحلي، وما هي استراتيجياتك لإشراكه في مشروعات التطوير؟
التعامل مع المواطنين يحتاج إلى حكمة ومرونة. أهم شيء هو تطبيق القوانين دون أن يشعر المواطن بالضرر، وتوضيح الأسباب وراء أي قرار نتخذه. كما أنني أحرص على التواصل المباشر مع المواطنين والاستماع لمشاكلهم، وعندما نحتاج لاتخاذ قرارات صعبة، نحاول إيجاد حلول بديلة تُرضي الجميع.”
كيف أثرت خبرتك الهندسية ودراستك الأكاديمية على تطوير الخدمات المحلية والمشاريع التنموية؟
دراستي للهندسة وماجستير تكنولوجيا المعلومات والدكتوراه في الحكومة الإلكترونية ساعدتني على التفكير المنظم والتخطيط السليم. العلم يوسع الآفاق ويمنحك أدوات لحل المشكلات بشكل عملي، وهذا ما استخدمته في عملي لتحسين الخدمات الحكومية وتطوير المشروعات.”
ماذا تعني لك الجوائز التي حصلت عليها، وكيف أثرت على مسيرتك؟
الجوائز مهمة جدًا، لكنها ليست الهدف بحد ذاته، بل مسؤولية كبيرة للحفاظ على المستوى والتميز. فبعد حصولي على جائزة التميز الحكومي العربي، شعرتُ أنني مطالبة ببذل المزيد من الجهد. التميز الحقيقي هو أن تترك بصمة إيجابية أينما كنت.”
كيف تتعاملين مع المنافسة في العمل؟
المنافسة حاضرة في كل مراحل حياتي، وأراها دافعًا للتحسين والتطور. حصلت على أول جائزة لي عام 2007، وكنت أصغر مكرمة على مستوى مصر، وكان عليَّ إثبات نفسي بين أشخاص أكبر سنًا وأكثر خبرة، وهذا دفعني للعمل بجدية أكبر.”
كيف توفقين بين حياتك المهنية ومسؤولياتك الأسرية؟
الأمر ليس سهلًا على الإطلاق، عملي يتطلب وقتًا طويلًا، لكني أحاول تحقيق توازن قدر الإمكان. زوجي يدعمني كثيرًا، ولولاه لما استطعت الاستمرار بهذا الشكل، فأحيانًا أشعر أنني مقصرة تجاه أسرتي، لكن دعمهم لي يعطيني القوة للاستمرار.”
ما النصيحة التي كنتِ تتمنين سماعها في بداية مشوارك المهني؟
ألا أثق بالناس بسرعة. كنت أتعامل مع الجميع بحسن نية، وهذا جعلني أتعرض لبعض المواقف الصعبة. تعلمت أن أكون أكثر حذرًا، وأن أفرق بين الصداقات الحقيقية والعلاقات المهنية.”
ما هي المشاريع التنموية الكبرى التي يتم تنفيذها حاليًا في حي شرق؟
نحن حاليًا في مرحلة تنفيذ عدة مشروعات لرصف وإنارة الشوارع، وتطوير البنية التحتية. هناك مشروعات أخرى تحت الدراسة، وسنعلن عنها في الوقت المناسب.”
كيف تضمنين استدامة المشروعات التنموية التي تقومين بها؟
أي مشروع ناجح يحتاج إلى تخطيط دقيق، تحديد أهداف واضحة، متابعة مستمرة، ومساءلة. لا يمكننا السماح بأي تقصير، ومن المهم أن يكون هناك تقييم دوري لضمان الاستمرارية والكفاءة.”
أخيرًا، ما رسالتك للشباب الذين يبدأون مسيرتهم المهنية؟
العمل بجد وإخلاص هو مفتاح النجاح. لا تبحث عن المكاسب السريعة، بل اجعل هدفك أن تقدم شيئًا يفيد المجتمع. النجاح لا يأتي بسهولة، لكنه يستحق الجهد.”
ختامًا، المهندسة نهى خليفة نموذج ملهم للمرأة المصرية العصرية، تقدم نموذجًا فريدًا في العمل الحكومي والتنموي، وتثبت أن الإرادة والعزيمة هما مفتاح النجاح. قصة نجاحها تؤكد أن المرأة المصرية قادرة على تحقيق المستحيل.