<< الدكتور “زهران”: العلاج بالفن لا يغني عن الدواء لكنه مكمّل فعّال للعلاج النفسي
<< الدكتورة أسماء الهريدي: الرسم كان طريقي للتعافي من الشلل
تقرير – رنيم العشري
في ظل تصاعد الأمراض الجسدية والاضطرابات النفسية، لا يكون الدواء هو الحل الوحيد؛ أحيانًا يكون الشفاء نابعًا من الداخل ومن قدرتنا على التعبير. وهنا يبرز العلاج بالفن كأداة فعّالة لا تعالج الجسد فحسب، بل تلامس الروح وتحرر المشاعر.
يعتمد العلاج بالفن على استخدام وسائل تعبيرية كالرسم، الموسيقى، الكتابة، أو الحركة لفهم الذات وتفريغ الضغوط النفسية، دون الحاجة لأي موهبة مسبقة. ولم يعد مقتصرًا على العيادات النفسية، بل أصبح حاضرًا في المدارس والمستشفيات ومراكز التأهيل، مؤكدًا أن الإبداع قد يكون مدخلًا للتعافي.
الفن كوسيلة للخروج من الأزمات
يوضح د. ناصر زهران، استشاري الطب النفسي، أن الفن يُستخدم كوسيلة للشفاء والتشخيص وإعادة بناء الإنسان: “يساعد الفن على تجاوز الأزمات النفسية من خلال التعبير الآمن عن المشاعر السلبية، كما يعزز الثقة بالنفس. ورغم أنه لا يغني عن العلاج الطبي، إلا أنه مكمّل فعّال.”
وأشار إلى أن رسومات المرضى تعكس مراحل تحسّنهم؛ ففي ذروة المرض يظهر اضطراب فكري واضح، بينما يُلاحظ تناسق الألوان والتكوين في مراحل التعافي، ما يعكس تحسنًا نفسيًا ملحوظًا.
الفنانون والمعاناة النفسية
ربط د. زهران بين معاناة بعض الفنانين النفسية وأعمالهم الفنية، موضحًا أن الاضطرابات الوجدانية أفرزت أعمالًا إبداعية بارزة: “الكتابة الشعرية، الموسيقى، التمثيل… كلها أدوات تعبيرية لمن يعانون من الاضطرابات النفسية، كما رأينا في أعمال صلاح جاهين.”
كما استشهد بممثلين عالميين مثل ميل غيبسون، ومحليين مثل سعاد حسني، الذين جسّدوا مشاعرهم بصدق نابع من تجاربهم الوجدانية.
الفن وتحسين الحالة النفسية لمرضى الأورام
أكد د. زهران دور العلاج بالفن في دعم مرضى السرطان نفسيًا، حيث يساعدهم على تقبّل العلاج وتجاوز الخوف والألم، مما ينعكس على استجابتهم للعلاج.
الأطفال والعلاج بالفن
من جانبها، شددت د. إيمان كامل، معالجة بالفن للأطفال والمراهقين، على أهمية التقييم الدقيق لكل حالة وتقديم برامج علاجية مناسبة. وأكدت أن العلاج بالفن لا يقتصر على المرضى النفسيين فقط، بل يناسب كل من يسعى للحفاظ على توازنه العاطفي والنفسي.
قصة ملهمة: من الشلل إلى الريشة
د. أسماء الهريدي، مديرة إدارة التربية المتحفية بمركز محمود سعيد، تروي تجربتها مع الشلل النصفي والمرض النفسي الجسدي:”شعرت بأن حياتي انتهت، لكن من خلال العلاج النفسي والرسم، بدأت أُفرغ مشاعري، فكان الفن وسيلتي لإحياء ذاتي.”
وبعد ستة أشهر من العلاج بالحركة والطبيعة، استعادت حياتها تدريجيًا، مؤكدة أن الفن كان عاملًا حاسمًا في رحلة تعافيها.
في النهاية، العلاج بالفن ليس مجرد وسيلة تعبير، بل جسر لإعادة بناء الإنسان نفسيًا وروحيًا. إنه مكمّل أساسي للعلاجات التقليدية، ويزداد أثره بفضل التدخل المبكر ودعم الأسرة، ليصبح طريقًا فعّالًا نحو التوازن والشفاء.