الحمراوي: قوة مصر في المنطقة دفعت ترامب للتراجع عن قراراته وتهديداته
الحمراوي: الفكر التجاري لترامب يؤثر على قراراته السياسية
كتب – أحمد بسبوني
أكد الدكتور أحمد الحمراوي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، أن الموقف المصري من القضية الفلسطينية ثابت تاريخيًا، وهناك العديد من الشواهد التي تؤكد هذا الثبات.
وأضاف في تصريحات لمجلة “الإسكندر” أن التطورات في العلاقات المصرية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، تُعد من النقاط الجوهرية، حيث أثّرت بشكل مباشر على مجريات الأحداث في غزة، لا سيّما بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهام منصبه.
وأوضح أن الولايات المتحدة تعتبر مصر شريكًا استراتيجيًا في مكافحة الإرهاب واستقرار أمن المنطقة، ومن ثم من غير المرجح أن تتجاهل واشنطن جهود القاهرة في هذه الملفات.
وأشار الحمراوي إلى أن العلاقات المصرية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي تظل مطروحة على طاولة أي رئيس أمريكي، باعتبارها محورًا رئيسيًا في قضايا الشرق الأوسط. وأوضح أن مصر، بصفتها أكبر دولة في المنطقة من حيث الثقل العسكري والاجتماعي والتاريخي، تلعب دورًا محوريًا في تهدئة الأوضاع، خصوصًا في ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي.
وتوقّع استمرار التعاون الأمني والعسكري بين مصر والولايات المتحدة لتعزيز استقرار المنطقة، وهو ما سينعكس بدوره على تعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.
وأكد الحمراوي أن السياسة بطبيعتها لا تتبع مسارًا ثابتًا لتحقيق المصالح، بل تتسم أحيانًا بالمرونة وأحيانًا أخرى بالتصعيد. وأوضح أن تراجع ترامب عن بعض قراراته وخطاباته العنترية يعكس تعرضه لضغوط متعددة، أو على الأقل مراجعة دائمة لمواقفه.
ولفت إلى أن هذا التراجع يعكس وجود قوة فاعلة في المنطقة، تأتي في مقدمتها مصر، بما تمتلكه من مقومات تاريخية وعسكرية وأمنية، تجعلها لاعبًا أساسيًا في توازنات القضية الفلسطينية.
وشدد الحمراوي على أن العلاقات المصرية الأمريكية قائمة على تبادل المصالح، ومن المرجح أن يتم التوصل إلى حلول مشتركة فيما يخص القضية الفلسطينية، من خلال التفاوض والتشاور بما يضمن تحقيق المصالح الثنائية. فالولايات المتحدة تسعى لتعزيز أمن إسرائيل، بينما تركز مصر على حماية حدودها والعمل على حل عادل للقضية الفلسطينية يرضي الفلسطينيين والدول العربية.
وبشأن العلاقة بين مصر وترامب، أشار الحمراوي إلى أنها مرشحة للاستمرار، في ظل اتباع مصر لأساليب دبلوماسية مبتكرة تضمن الحفاظ على هذه العلاقة الاستراتيجية، بما يخدم مصالحها في الدفاع عن القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وأكد الحمراوي أن ترامب يتبع نهجًا مختلفًا عن الرؤساء السابقين، يتسم بالحداثة والابتكار، ويتضح ذلك من اعتماده الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما “تويتر”، في التواصل مع الجماهير والتأثير على الرأي العام، مما يُظهر أسلوبًا مغايرًا للطرق التقليدية في إدارة الحملات والسياسات.
ورأى الحمراوي أن ترامب يتعامل مع السياسة بعقلية رجل الأعمال، حيث تظهر بوضوح بصمته التجارية في علاقات الولايات المتحدة الخارجية، وخصوصًا مع دول الشرق الأوسط.
وأكد أن هذه العقلية تفرض نوعًا من التفاوض القائم على المساومة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، وهو ما تجلى في تعاملاته مع السعودية والإمارات، وكذلك الضغوط التي مارسها على مصر لتعزيز علاقاتها مع إسرائيل، مستفيدًا من ورقة المساعدات العسكرية كأداة ضغط.
أما عن السياسات الاقتصادية، فأوضح الحمراوي أن شعار “أمريكا أولاً” الذي يرفعه ترامب انعكس في فرض رسوم جمركية على واردات عدة دول، ما قد يؤدي إلى نشوء حروب تجارية مستقبلية، سيكون لها أثر كبير على الاقتصاد العالمي، وخاصة على الدول النامية التي تعتمد على الاستيراد بشكل كبير.
وحول السياسة الخارجية، أشار الحمراوي إلى أن ترامب انتهج سياسة الانسحاب من الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، وهو ما زاد من التوترات مع حلفاء واشنطن. وتوقع أن تسفر هذه السياسة عن نشوء أشكال جديدة من الصراعات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، استجابة لمواقف الإدارة الأمريكية.
وفي الشأن الداخلي، تحدث الحمراوي عن انتقاد ترامب الشديد للبيروقراطية، واعتماده على “دائرة المقربين”، بمن فيهم أبناؤه وصديقه إيلون ماسك، الذين أصبح لهم دور واضح في إدارة شؤون البيت الأبيض، في صورة غير تقليدية توحي بنمط جديد من الحكم.