الإسكندرية فى رمضان حاجة تانية
<< من الكبدة الإسكندراني إلى الحمام المحشي.. أشهر أكلات رمضان في عروس البحر
<< من الكنافة إلى حمص الشام.. حلويات ومشروبات رمضانية على الطريقة الإسكندرانية
كتبت – روان السيد عمارة
مع حلول شهر رمضان المبارك، ترتدي الإسكندرية حُلة خاصة تُضفي على المدينة الساحلية طابعًا فريدًا يمتزج فيه عبق التاريخ ببهجة الأجواء الروحانية. تزدان شوارعها بالفوانيس المضيئة والزينة البراقة، ويتعالى صوت المداحين في الأحياء القديمة، بينما تتناثر روائح الطعام الشهي من الأزقة والمطاعم الشعبية. هنا، يعيش أهل الإسكندرية رمضان بروح مختلفة، حيث يجتمعون على موائد الإفطار العامرة، ويتبادلون التهاني وسط أجواء من الدفء والتآلف.
رمضان في الإسكندرية.. نفحات روحانية وسهرات رمضانية
يمتاز شهر رمضان في الإسكندرية بأجوائه الروحانية الفريدة، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين، وخاصة مسجد أبو العباس المرسي الذي يشهد إقبالًا كبيرًا من الصائمين لأداء صلاة التراويح في أجواء إيمانية مميزة. كذلك، تُقام حلقات الذكر والتواشيح في العديد من الزوايا الصوفية، مما يضفي سكينة خاصة على ليالي رمضان.
بعد الإفطار، تتوجه العائلات والأصدقاء إلى المقاهي الشعبية والكافيتريات المنتشرة على الكورنيش، مثل قهوة فاروق، حيث يتبادلون الأحاديث ويتسامرون حتى السحور. بينما يفضل البعض قضاء أوقاتهم في المولات التجارية والأسواق التي تزدحم بالزوار الباحثين عن مستلزمات الشهر الفضيل. وتعد الجلسات الرمضانية في الأماكن المفتوحة على الشاطئ تجربة لا تُنسى، حيث يستمتع الزوار بنسمات البحر وأصوات الأمواج في أجواء هادئة ومميزة.
موائد الإسكندرية.. نكهة البحر ولمسات التراث
يتميز رمضان في الإسكندرية بتنوع أطباقه الشهية، حيث تمتزج النكهات التقليدية بالمأكولات البحرية الطازجة. ومن أبرز الأكلات التي تزين موائد الإسكندرانية خلال الشهر الكريم: السمك المشوي: وخاصة البوري والقاروص، حيث يتم إعداده بطرق مميزة تتوارثها الأجيال، والفول المدمس: طبق لا غنى عنه في وجبة السحور، يُقدم مع الليمون وزيت الزيتون، والكبدة الإسكندراني والحواوشي: من أشهر المأكولات التي يقبل عليها السكندريون في رمضان، والحمام المحشي: طبق فاخر يُزين مائدة الإفطار في كثير من البيوت السكندرية، الحلويات الرمضانية: مثل الكنافة والقطايف، حيث تُباع طازجة في المحلات الشهيرة مثل تلك الموجودة في محطة الرمل والمنشية.
ولا تقتصر التجربة على الطعام فقط، بل تشمل أيضًا المشروبات الرمضانية التقليدية مثل الخروب والتمر الهندي وقصب السكر، التي تبعث على الانتعاش بعد يوم طويل من الصيام.
الإسكندرية.. لوحة فنية تمتزج فيها الألوان
تتحول الإسكندرية خلال شهر رمضان إلى لوحة فنية تجمع بين أصالة التاريخ وسحر الطبيعة. يمتد الكورنيش بطوله ليكون شاهدًا على ليالي رمضانية مبهجة، حيث تنعكس أضواء المدينة على مياه البحر فتخلق مشهدًا يأسر القلوب. تتزين المباني التاريخية والمقاهي العريقة بزينة رمضان التي تُضفي لمسة من الدفء والفرح، بينما تظل القلاع والأحياء القديمة تحكي تاريخًا ممتدًا عبر العصور. وفي الصباح، يستمتع البعض بممارسة الرياضة على الكورنيش، مثل المشي وركوب الدراجات، أو التأمل وقراءة القرآن في الحدائق المفتوحة.
رمضان في الإسكندرية.. عادات لا تتغير
يحافظ أهل الإسكندرية على عاداتهم الأصيلة خلال شهر رمضان، والتي تتجلى في عدة مظاهر مميزة: الإفطار العائلي: حيث تجتمع العائلات على موائد عامرة بأشهى الأطباق وسط أجواء من المحبة والود، والخروج إلى الكورنيش بعد الإفطار: يُعتبر التنزه على الكورنيش من الطقوس الأساسية، حيث يستمتع الصائمون بنسمات البحر المنعشة أثناء تناول المثلجات أو شرب حمص الشام.
تنتشر الخيم الرمضانية في أماكن مثل ستانلي، كوبري 45، القلعة، المنشية ومحطة الرمل، حيث تُقدم وجبات الإفطار والسحور وسط أجواء احتفالية مميزة، يقضي السكندريون لياليهم في المقاهي المطلة على البحر، مثل تلك الموجودة في سبورتنج، جليم، المعمورة والمنتزه، حيث يتبادلون الأحاديث وسط أجواء من البهجة والتسلية.
تنظم الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية فعاليات رمضانية تشمل عروضًا فنية وإنشادًا دينيًا، مما يضيف بعدًا ثقافيًا للأجواء الرمضانية المميزة في المدينة.
رمضان على شط البحر.. تجربة لا تُنسى
لا يكتمل رمضان في الإسكندرية دون تجربة الإفطار أو السحور على البحر، حيث توفر المطاعم البحرية جلسات مميزة بإطلالات ساحرة، مثل مطاعم الأسماك في بحري والمنتزه والمعمورة. كما تعد الخيم الرمضانية المطلة على الشاطئ مكانًا مثاليًا لتناول وجبة الإفطار وسط نسمات البحر وأضواء المدينة المتلألئة. وتعتبر هذه التجربة المفضلة للكثيرين ممن يرغبون في الجمع بين متعة الطعام والأجواء الهادئة.
الإسكندرية في رمضان.. تجربة متكاملة بين الروحانية والبهجة
رمضان في الإسكندرية ليس مجرد شهر صيام، بل هو تجربة متكاملة تجمع بين الأجواء الروحانية، واللقاءات العائلية، والمأكولات الشهية، والليالي الرمضانية التي تمتد حتى السحور. تبقى المدينة في هذا الشهر نابضة بالحياة، تحتضن زوارها وأهلها في أجواء استثنائية تجعل رمضان في الإسكندرية “حاجة تانية” بحق.