الإسكندرية خلال عام.. مشروعات عملاقة وأزمات تبحث عن حل
انطلاق مشروع مترو الإسكندرية وتوسعة الكورنيش وتطوير النبي دانيال.. واستضافة يوم المدن العالمي الحدث الأبرز
التوكتوك وأزمة النباشين والأسواق العشوائية صداع في رأس المحافظ الجديد..
كتب: فيروز حسني وبيشوي إدوارد
الإسكندرية العاصمة الثانية لجمهورية مصر العربية، وينظر إليها الجميع بنظرة فخر وإعجاب فهي المدينة الأهم تاريخيًا وجغرافيًا واقتصاديا وسياحيا وثقافيا.
وخلال عام 2024، شهدت الإسكندرية انطلاق تنفيذ عدد من المشروعات العملاقة، كما استضافت قمة المدن العالمية على أراضيها، ولكن في الوقت نفسه عانت من بعض الأزمات التي تمثل صداعا في رأس الأجهزة التنفيذية ولم تجد حلاً حتى الآن رغم أن بعضها مستمر منذ سنوات طويلة.
مترو الإسكندرية.. الحلم الذي طال انتظاره
في الأول من مارس، انطلق العمل بمشروع مترو الإسكندرية، كأكبر المشروعات التنموية داخل محافظة الإسكندرية، والذي سيحل كثير من المشاكل المرورية داخل المدينة الساحلية، حيث يهدف المشروع إلى توفير وسيلة نقل جماعية حديثة ومتكاملة تساهم في تخفيف الكثافة المرورية، ما يساهم في تحسين جودة الحياة في المحافظة الساحلية.
يمتد مسار المشروع بطول 21.7 كم من محطة سكة حديد أبو قير وحتى محطة مصر بالإسكندرية” سطحي بطول 6.5 كم من محطة مصر حتى محطة الظاهرية ثم علوى بطول 14.2 كم حتى ما بعد محطة طوسون ثم يعود سطحياً حتى محطة أبو قير بطول 1 كم ” وشمل عدد (20) محطة ” حيث تم إضافة عدد (5) محطات جديدة وهي : ميامي – محمد نجيب – كفر عبده – سبورتنج – باب شرق” وتبلغ السرعة التجارية 80 كم/ساعة.
وقد تم إزالة القضبان ومباني المحطات وتم إجراء أعمال الرفع المساحي والجسات واختبارات التجربة وإنشاء الخوازيق بطول طريق المترو، كما تم الانتهاء من أعمال الرصف الخرساني لكافة مزلقانات المشروع وعددها 13 مزلقان للمساهمة في تحقيق انسيابية حركة المرور .
ومن المقرر انتهاء المشروع في غضون 30 شهرًا أي بحلول منتصف عام 2026.
توسعة الكورنيش والخروج من “مضيق محمد نجيب” الشهير
يشهد كورنيش الإسكندرية مشروعًا كبيرًا لتطويره وتوسعته، بهدف تحسين حركة المرور وتعزيز الخدمات المقدمة للسكان والزوار، ويمتد المشروع بطول 4.4 كيلومتر من منطقة المنتزه إلى فندق المحروسة بلوران، للخروج من الزحام الشديد من لوران مرورًا بشارع محمد نجيب ومنطقة سيدي بشر.
تشمل المرحلة الأولى من توسيع طريق الكورنيش، بأن يصبح خمس حارات مرورية في كل اتجاه، مما يسهم في تخفيف الازدحام المروري، فضلا عن إنشاء أنفاق خاصة بالمشاة، مع بوابات للدخول والخروج، ودورات مياه لخدمة المواطنين، وانتهت أعمال التوسعة من منطقة العصافرة إلى المندرة ومن محمد نجيب إلى المحروسة.
وتتعلق المرحلة الثانية بإنشاء كوبري محمد نجيب العلوي المخصص للسيارات، لتسهيل حركة المرور بين منطقة محمد نجيب وسيدي بشر، كما يتم العمل حاليًا على إنهاء أعمال التوسعة من سيدي بشر إلى ميامي، وتشمل هذه المرحلة التشطيبات النهائية لباقي مكونات المشروع، ومن المقرر أن ينتهي في 30 يونيو المقبل.
تطوير شارع النبي دانيال التاريخي
“شارع النبي دانيال” هو أقدم وأعرق شوارع محافظة الإسكندرية؛ ويعود تاريخ الشارع إلى عام 331 قبل الميلاد، حيث يُعد محوراً ثقافياً وحضارياً وتراثياً مُهماً لمدينة الإسكندرية، وتجمعا للأديان السماوية الثلاثة، حيث يضم مسجد النبي دانيال، والكنيسة المرقسية وهي أقدم كنيسة في أفريقيا، ومعبد إلياهو وهو أقدم المعابد اليهودية التي شُيدت في الإسكندرية.
المشروع يهدف إلى تطوير شارع النبي دانيال وتحويل الشارع إلى ممشى تُراثي، بطول حوالي 750 مترا، بتكلفة 143 مليون جنيه، وتم تنفيذ المشروع يتم تنفيذه على ثلاث مراحل، تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى بالكامل بنسبة 100%، بينما تم تنفيذ المرحلة الثانية بنسبة 90%، لافتاً إلى أن المرحلة الثالثة من المشروع تم بدء العمل بها منذ عام تقريبا، ويتم متابعة تنفيذ الأعمال بها بما يضمن الانتهاء منها في أقرب وقت.
يوم المدن العالمية.. الحدث الأبرز
استضافت مكتبة الإسكندرية، اليوم العالمي للمدن ٢٠٢٤، الذى حددته الأمم المتحدة سنويًا فى ٣١ أكتوبر من كل عام، لإحياء الاحتفال بيوم المدن العالمي، الذي يتخذ شعاره الدائم «مدن أفضل.. حياة أفضل».
ونظمت محافظة الإسكندرية الاحتفالية هذا العام تحت شعار فرعى «صُناع التغير المناخى من الشباب وتحفيز العمل المحلى من أجل الاستدامة الحضرية»، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، وعدد من الوزراء والمحافظين ولفيف من السفراء وممثلي الدول والأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وجاء اختيار الإسكندرية، بموقعها الاستراتيجي وتاريخها العريق، لاستضافة احتفالية «يوم المُدن العالمي»، لتجسيد ما تعنيه المدينة الساحلية من قدرة على التكيف والابتكار فى مواجهة التحديات البيئية، حيث لا تمثل الإسكندرية فقط مركزًا ثقافيًا وحضاريًا فريدًا فى المنطقة، بل هى نموذج مُلهم للمرونة والتكيف مع التحديات الحضرية المعاصرة.
التوكتوك مسلسل لا ينتهي في الإسكندرية
“التوك توك” مركبة هندية صغيرة بثلاث عجلات تسير في أضيق الشوارع والحارات، ظهر في شوارع مصر لأول مرة منذ 15 عامًا، حتى أصبح حاليًا أحد أهم المواصلات الداخلية بالمناطق الشعبية والريفية.
وفي الإسكندرية، يمثل التوك توك مشكلة كبيرة بسبب غياب التنظيم والتقنين، فبعض قائدي التوك توك أطفال صغار غير مؤهلين للقيادة يسيرون في الشوارع الرئيسية بل وعلى الكورنيش وفي محور المحمودية السريع، كما يسيرون عكس اتجاه الطريق وهو ما يعرض حياة البعض للخطر، والسيارات للحوادث.
ورغم قرار منح تراخيص للتوك توك، إلا أن أغلب أصحاب هذه المركبات لم يمتثلوا لهذا القرار نظرًا لمبالغ التأمين والضرائب المستحقة عليهم، كما أن هناك قرارًا من المجلس التنفيذي للمحافظة بتحديد مسارات معينة للتوكتوك منذ عام 2022 ولكنه لم ينفذ حتى الآن.
“البلطجة ونبش القمامة”.. النباشين ظاهرة تشوه سحر وجمال الإسكندرية
تواجه محافظة الإسكندرية في السنوات الأخيرة تحديات اجتماعية تتمثل في انتشار ظاهرة البلطجة ونبش القمامة في أماكن حيوية مثل تحت الكباري، محطات انتظار الترام، ووسائل النقل العام، إضافة إلى الطرق العامة، وهذه الظواهر أصبحت تشكل تهديدًا كبيرًا لسلامة المواطنين، خاصة النساء، الفتيات، الطالبات، والوافدين، مما ساهم في زيادة مشاعر القلق والخوف بين السكان المحليين، وفي الوقت نفسه، أسهمت هذه الظواهر في تشويه صورة المدينة وسمعتها كمدينة ساحلية عريقة.
ويقول علي أحمد ، صاحب كشك الحلويات في محطة ترام بوكلي بوسط الإسكندرية، إلى أن كل صباح، مع بداية عمله، يلاحظ انتشارًا واسعًا للبلطجية و النباشين الذين يحمل معظمهم أسلحة بيضاء، مما يشكل تهديدًا خطيرًا على سلامة المواطنين، وتزداد خطورة هذه السلوكيات الإجرامية، خاصةً خلال ساعات الليل موجهاً نداءً عاجلاً إلى المسؤولين في محافظة الإسكندرية والجهات المعنية من أجل التصدي لتلك الظاهرة والسلوكيات التي أصبحت تشكل خطرًا على المواطنين وسكان المناطق المجاورة للمحطات.
ومن جانبه، أشار رامي يسري، رئيس جمعية خليك إيجابي وعضو في التحالف الوطني بالإسكندرية، إلى أن ظاهرة النباشين والبلطجة تُعدُّ قضية معقدة تحمل أبعادًا اجتماعية واقتصادية وبيئية عميقة، مُشبهًا تلك الظاهرة بالاحتلال موضحاً أن النباشين يتواجدون بكثافة في عدة مناطق سكنية، مثل مدينة فيصل، شارع 30 مع هدي الإسلام، شارع 20، منتزه أول، منطقة أبو خروف، شريط القطر بالعصافرة، ومنتزه ثان، وغيرها من المناطق.
أوضح أن هذه الظاهرة تتسبب في خسائر كبيرة للدولة والمواطنين، حيث تعرقل عمل شركة نهضة مصر وتؤدي إلى تراكم القمامة في الشوارع، بالإضافة إلى ذلك، فإن لها تداعيات بيئية سلبية ومن العوامل التي تساهم في انتشارها تبرز الفقر و البطالة و إنعدام الفرص البديلة مؤكداً علي ضرورة تشديد العقوبات على النباشين وفرض غرامات ملحوظة على أصحاب العمل الذين يقومون بتوظيفهم كما ينبغي ملاحقة الشبكات المنظمة للتهريب التي تعزز هذه الظاهرة و من الضروري أيضاً توفير فرص عمل بديلة للنباشين، مما يساعدهم على الخروج من هذه الدائرة ويؤمن لهم حياة كريمة، تتيح لهم الابتعاد عن الممارسات التي تضر بالمجتمع والبيئة.
في سياق ذاته ، قال حسام الدين إمام، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة نهضة مصر للخدمات البيئية الحديثة بالإسكندرية، أن الشركة لعبة دوراً هاماً في معالجة إنتشار ظاهرة النباشين و ذلك بالتعاون مع محافظة والأجهزة التنفيذية والأمنية حيث بدأت في تطبيق نظام الجمع السكني بكلا نوعيه في مدينة الإسكندرية.
وأشار إلى أنه يتم جمع النفايات من أمام الوحدات السكنية بصورة مباشرة، أو من خلال استخدام الصفارات المخصصة من الأسفل للعقارات، حيث تصل نسبة هذه العملية إلى أكثر من 60% من مختلف القطاعات والأحياء في مدينة الإسكندرية مؤكداً على أن الشركة تبذل جهوداً مكثفة لرفع المخلفات بشكل مستمر وعلى مدار الساعة موضحاً أن الشركة تعمل بالتعاون مع الأحياء ومديرية أمن الإسكندرية من أجل تنفيذ حملات تهدف إلى تقليل هذه الظاهرة في شوارع المحافظة.
مرتديًا بدلته المدنية، التي استبدلها مكان «العسكرية» التي قضى فيها حياته حتى وصل إلى رتبة الفريق وقائد القوات البحرية المصرية، وقف الفريق أحمد خالد حسن سعيد أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي لحلف اليمين الدستورية كمحافظ للعاصمة الثانية في الثالث من يوليو الماضي.
وبدأ الفريق أحمد خالد مهمته بالمراقبة والترقب للوضع داخل المحافظة، حتى أنه انتظر أكثر من خمسة أشهر ليبدأ بعمل تغييرات داخل دولاب العمل المحلي بالأحياء وفي الديوان العام.
الأسواق العشوائية تدق ناقوس خطر.. والأهالي أغيثونا
الأسواق العشوائية هي أسواق غير منظمة نشأت من قبل الموطنين بطريقة عشوائية في أماكن غير مناسبة، وفي الإسكندرية تبرز عدد من الأسواق العشوائية لعل أبرزها سوق المعهد الديني، وشارع القاهرة، وسوق دربالة وغيرها.
السوق الأشهر في الإسكندرية يقبع في شارع المعهد الدينى الذى من المفترض أنه يمثل طريقا حيويا فى قلب دائرة المنتزه وحلقة وصل لمنطقة العصافرة التي يقطنها مئات الآلاف ولكنه أصبح يمثل نموذجا صارخا لتراجع الخدمات المقدمة للمواطنين وسيطرة العشوائية والإهمال والبلطجة، فقد عاد الشارع إلى ما كان عليه قبل عام 2008، حينما كان نموذجا لسيطرة الباعة وفرش البضائع فى الطرقات قبل أن المحافظة وقتها بنقل الباعة الجائلين لسوق شارع 30 ولكن سرعان ما عاد الباعة مرة أخرى عقب ثورة يناير 2011، حيث تم فرض البلطجة والعودة الى الوراء ليعود الشارع الى سابق عهده رافعا شعار العشوائية وتراكم القمامة ثم إنشاء عدد من «الباكيات» فى الشارع للباعة الذين تركوها وقرروا الاصطفاف فى الشارع ليعانى الأهالي العشوائية في ظل توقف السوق الحضارية عن العمل واستمرار البلطجة.
ومع بداية عام 2025، يبرز الفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية الجديد الذي تولى منصبه في 3 يوليو الماضي، باعتباره شخصية محورية في المشهد المحلي داخل المحافظة، التي عانت كثيرًا خلال السنوات الماضية من سياسة الأيدي المرتعشة وسوء اتخاذ القرارات رغم وجود مشروعات تنموية كبرى.
وبدأ الفريق أحمد خالد مهمته بالمراقبة والترقب للوضع داخل المحافظة، حتى أنه انتظر أكثر من خمسة أشهر ليبدأ بعمل تغييرات داخل دولاب العمل المحلي بالأحياء وفي الديوان العام، والجميع في انتظار قرارات المحافظ الجديد إما بحلول جذرية مبتكرة أو بقاء الوضع كما هو عليه.