كتبت: الدكتورة إيمان يسري
يظل الصوت البشرى هو وسيلة التواصل الفعالة التي يستخدمها بنى آدم أجمع من أجل التواصل الاجتماعي منذ بداية الخليقة وحتما إلى الآن، بالرغم من وجود العديد من مواقع التواصل التي تعد على الكتابة أو الشات ولكن يظل الصوت البشرى محتفظا بأهميته وهذا عن طريق استخدام الرسائل الصوتية.
ومع التطور العلمي في شتى المجالات، أكد العلماء أن عملية التواصل بين بنى البشر يمكن أن تتم من خلال ثلاثة مكونات رئيسية، وهما :
أولا: التواصل اللغوي: وهذا التواصل يتم عن طريق استخدام اللغة أي أنه يمكن للفرد أن يتعلم اللغة التي يرغبها ويتواصل مع من يشاء مستخدما هذه اللغة، وهذا النوع من التواصل بين البشر يمثل 7 % فقط من مكونات التواصل البشرى، مما يعنى أنه يمكن أن يتم التوصل بين البشر بدون استخدام لغة أصلا.
ثانيا: التواصل الجسدي: وهو التوصل عن طريق استخدام لغة الجسد وما تعنيه الحركة الجسدية مثل الإشارة بالإصبع أو اليد إلى شيء معين، وبهذا يكون قد تم التواصل مع الطرف الأخر بدون التلفظ بكلمات واحدة. هذه الوسيلة تمثل 55 % من مكونات التواصل بين البشر، وبهذا فإن التواصل الجسدي يمثل أكثر من نصف نسبة مكونات التواصل بين البشر وبالرغم من كبر هذه النسبة إلا أن علماء لغة الجسد أفاد أن لغة الجسد وحدها لا تكفى من أجل التواصل السليم بين البشر، وذلك لأن معانيها ومدلولاتها تختلف تماما من مجتمع إلى أخر طبقا للثقافة العامة والمتعارف عليه بين المجتمعات المختلفة. على سبيل المثال: الجلوس على المقعد ووضع القدمين فوق المنضدة أمام أحد الجلوس أو عند دخول أحدهم، هذا الوضع الجسدي غير مقبول تماما فى مجتمعاتنا العربية بل أنه وضع منفر ويدل على الاستهزاء وعدم الاحترام، ولكن فى أمريكا يدل هذا الوضع الجسدي أن الشخص مرتاح لك تماما ومعجب بك ويشعر بالراحة عند الجلوس معك !
ثالثا: التواصل باستخدام نغمة الصوت: يمثل التواصل عن طريق النغمة الصوتية 38 % من مكونات التواصل بين بنى البشر ويكون هذا التواصل عن طريق إصدار الأصوات أثناء الكلام أو بدون كلام وهذه النغمات الصوتية تعبر عن الشعور الحالي لصاحبها وحالته الصحية والمزاجية والنفسية.
أكثر ما يميز التواصل باستخدام النغمة الصوتية هو أن تظل تفسيراتها ومعانيها ومدلولاتها كما هي ولا تتأثر باختلاف اللغات أو الأعراق أو الثقافات؛ وأنه أيضا يمكن الاعتماد عليها وحدها لإتمام عملية التواصل بين بنى البشر. على سبيل المثال: الأصوات الصادرة من البشر مثل آآآه، أممممم، هاااا وهكذا ؛ هذه الأصوات يظل تفسير معناها كما هو مهما اختلفت لغة وجنس وجنسية وشخصية وثقافة وبيئة المتحدث بها . فالصوت الأول يدل على أن صاحب الصوت مريض والصوت الثاني يدل على الفهم والتركيز، أما الصوت الثالث فيدل على الاستفهام والاستغراب وهكذا.
أما على مستوى الكلمات واللغات المنطوقة فعلى سبيل المثال: جملة “صباح الخير” باللغة العربية أو جملة “Good Morning” باللغة الإنجليزية؛ يمكن للمتكلم أن يقول أي من الجملتين بعدة نغمات صوتية مختلفة حيث تدل كل نغمة صوتية على معنى ومدلول معين مختلف عن غيره؛ بالرغم من أنها نفس الجملة الكلامية ولها نفس المعنى في كل من اللغتين ولكن تغيير النغمة الصوتية التي تقال بها الجملة يغير دلالة الجملة ومضمونها ويوصل معاني مختلفة إضافية للمعنى الكلامي الحرفي للجملة.
حيث يمكن للمتكلم أن يقول جملة “صباح الخير” باللغة العربية بنغمة صوتية مرتفعة ومبهجة فتدل على أن الشخص المتكلم يشعر بالسعادة والحيوية؛ ويمكن أن يقولها بنغمة صوتية منخفضة فتدل على أن الشخص المتكلم يشعر بالحزن والانكسار، وهكذا عند قول جملة “Good Morning” باللغة الإنجليزية بنفس النغمات الصوتية السابقة فإن لها أيضا نفس الدلالات التفسيرية رغم اختلاف اللغات.
ومن هنا تأتى أهمية الصوت البشرى وأهمية استخدامه، حيث إن أي تغير طفيف في نغماته (من حيث الطبقة والسرعة والشدة والوقف والتنغيم) يدل على الحالة الصحية والنفسية للمتكلم، ويدل أيضا على المكان والزمان والموقف الذي تحدث فيهم المتكلم ؛ كما أن معاني وتفسيرات هذا التغيير في النغمة الصوتية لا تختلف باختلاف اللهجات واللغات والثقافات والبلاد والأعراق مثلما يحدث في باقي مكونات التواصل.